(أنا )  أبو سعيد بن أبي عمرو  ، أنا  أبو العباس  ، أنا  الربيع  ، قال : قال  الشافعي   - رحمه الله - : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( فتيمموا صعيدا طيبا   ) . 
قال : وكل ما وقع عليه اسم صعيد لم يخالطه نجاسة ، فهو : صعيد طيب يتيمم به .  ولا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار ، فأما البطحاء  [ ص: 48 ] الغليظة ، والرقيقة ، والكثيب الغليظ ، فلا يقع عليه اسم صعيد " . 
وبهذا الإسناد قال  الشافعي   : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( إذا قمتم إلى الصلاة   ) الآية وقال في سياقها ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه   ) فدل حكم الله (عز وجل ) على أنه أباح التيمم في حالين   : إحداهما : السفر ، والإعواز من الماء . والأخرى : المرض في حضر كان أو سفر . ودل [ذلك] على أن على المسافر طلب الماء  ، لقوله : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا   ) وكان كل من خرج مجتازا من بلد إلى غيره ، يقع عليه اسم السفر قصر السفر أو طال . ولم أعلم من السنة دليلا على أن لبعض المسافرين أن يتيمم دون بعض فكان ظاهر القرآن أن كل من سافر سفرا قريبا أو بعيدا يتيمم " . 
قال : " وإذا كان مريضا بعض المرض : تيمم حاضرا أو مسافرا ، أو واجدا للماء أو غير واجد له ، والمرض اسم جامع لمعان لأمراض مختلفة ؛ فالذي سمعت : أن المرض - الذي للمرء أن يتيمم فيه   - : الجراح ، والقرح دون الغور كله مثل الجراح ؛ لأنه يخاف في كله - إذا ما مسه الماء - أن ينطف ، فيكون من النطف التلف ، والمرض المخوف " .  [ ص: 49 ] وقال في القديم (رواية الزعفراني  عنه ) : " يتيمم إن خاف [إن مسه الماء ] التلف ، أو شدة الضنى " . وقال في كتاب البويطي :   " فخاف ، إن أصابه الماء ، أن يموت ، أو يتراقى عليه إلى ما هو أكثر منها تيمم ، وصلى ، ولا إعادة عليه . لأن الله تعالى أباح للمريض التيمم   . وقيل : ذلك المرض : الجراح ، والجدري . وما كان في معناهما : من المرض - عندي مثلهما ، وليس الحمى ، وما أشبهها - : من الرمد ، وغيره . - عندي ، مثل ذلك " . 
قال  الشافعي   - في روايتنا : " جعل الله المواقيت للصلاة ، فلم يكن لأحد أن يصليها قبلها ، وإنما أمر بالقيام إليها إذا دخل وقتها ، وكذلك أمر بالتيمم عند القيام إليها ، والإعواز من الماء . فمن تيمم لصلاة قبل دخول وقتها ، وطلب الماء لها - : لم يكن له أن يصليها بذلك التيمم   " . 
* * * 
أخبرنا  أبو سعيد  ، أنا  أبو العباس  ، أنا  الربيع  ، قال : قال  الشافعي   (رحمه الله ) : " وإنما قلت : لا يتوضأ رجل بماء قد توضأ به غيره ؛ لأن الله (جل ثناؤه ) يقول ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم   ) فكان معقولا أن الوجه لا يكون مغسولا إلا بأن يبتدأ له بماء فيغسل به ، ثم عليه في اليدين عندي - مثل ما عليه في الوجه [من ] أن يبتدئ لهما ماء فيغسلهما به . فلو أعاد عليهما الماء  [ ص: 50 ] الذي غسل به الوجه - : كان كأنه لم يسو بين يديه ، ووجهه ، ولا يكون مسويا بينهما ، حتى يبتدئ لهما الماء ، كما ابتدأ للوجه . وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أخذ لكل عضو ماء جديدا " . 
وبهذا الإسناد ، قال  الشافعي   (رحمه الله ) : " قال الله - عز وجل - : ( فاغسلوا وجوهكم   ) إلى : ( وأرجلكم إلى الكعبين   ) . فاحتمل أمر الله (تبارك وتعالى ) بغسل القدمين : أن يكون على كل متوضئ ، واحتمل : أن يكون على بعض المتوضئين دون بعض . فدل مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين - : أنها على من لا خفين عليه [إذا هو ] لبسهما على كمال طهارة كما دل صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) صلاتين بوضوء واحد ، وصلوات بوضوء واحد - : على أن فرض الوضوء ممن قام إلى الصلاة ، على بعض القائمين دون بعض ، لا : أن المسح خلاف لكتاب الله ، ولا الوضوء على القدمين " . زاد - في روايتي ، عن  أبي عبد الله  ، عن  أبي العباس  ، عن  الربيع  ، عنه - : " إنما يقال : " الغسل كمال ، والمسح رخصة كمال ، وأيهما شاء فعل " . 
 [ ص: 51 ] 
				
						
						
