الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي [ ص: 88 ] (رحمه الله ) : " التقصير لمن خرج غازيا خائفا : في كتاب الله - عز وجل - . قال الله - جل ثناؤه - : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ) " .

" قال : والقصر لمن خرج في غير معصية : في السنة " .

" قال الشافعي : فأما من خرج : باغيا على مسلم ، أو معاهد أو يقطع طريقا ، أو يفسد في الأرض أو العبد يخرج : آبقا من سيده أو الرجل : هاربا ليمنع دما لزمه ، أو ما في مثل هذا المعنى ، أو غيره : من المعصية . - : فليس له أن يقصر [فإن قصر : أعاد كل صلاة صلاها ] ؛ لأن القصر رخصة ، وإنما جعلت الرخصة لمن لم يكن عاصيا : ألا ترى إلى [ ص: 89 ] قول الله - عز وجل - : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) ؟ " .

" قال : [و ] هكذا : لا يمسح على الخفين ، ولا يجمع الصلاة مسافر في معصية . وهكذا : لا يصلي لغير القبلة نافلة ، ولا تخفيف عمن كان سفره في معصية الله - عز وجل - " .

" قال الشافعي (رحمه الله ) : وأكره ترك القصر ، وأنهى عنه : إذا كان رغبة عن السنة فيه " . يعني : لمن خرج في غير معصية .

(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، قال : وقال الحسين بن محمد - فيما أخبرت عنه - : أنا محمد بن سفيان ، نا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) - في قوله تعالى : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) . - قال : [نزل بعسفان ] : موضع بخيبر ، فلما ثبت : أن [ ص: 90 ] رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) لم يزل يقصر مخرجه من المدينة إلى مكة كانت السنة في التقصير . فلو أتم رجل متعمد : من غير أن يخطئ من قصر لم يكن عليه شيء . فأما إن أتم : متعمدا ، منكرا للتقصير ، فعليه إعادة الصلاة " .

وقرأت - في رواية حرملة عن الشافعي - : " يستحب للمسافر : أن يقبل صدقة الله ، ويقصر ، فإن أتم الصلاة - : عن غير رغبة عن قبول رخصة الله - عز وجل . - : فلا إعادة عليه كما يكون - إذا صام في السفر - : لا إعادة عليه . وقد قال - عز وجل - : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . وكما تكون الرخصة في فدية الأذى : فقد قال الله تعالى : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية ) الآية . فلو ترك الحلق ، والفدية ، لم يكن عليه بأس : إذا لم يدعه رغبة عن رخصة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية