الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه الله ) ، قال : " قال الله - عز وجل - : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) إلى قوله : ( فهم لا يفقهون ) " .

[ ص: 294 ] " فبين في كتاب الله (عز وجل ) : أن الله أخبر عن المنافقين : أنهم اتخذوا أيمانهم جنة يعني (والله أعلم ) : من القتل " .

" ثم أخبر بالوجه : الذي اتخذوا به أيمانهم جنة ، فقال : ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا ) : بعد الإيمان ، كفرا : إذا سئلوا عنه : أنكروه ، وأظهروا الإيمان ، وأقروا به ، وأظهروا التوبة منه : وهم مقيمون - فيما بينهم ، وبين الله تعالى - على الكفر " .

" وقال - جل ثناؤه - : ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ) ، فأخبر : بكفرهم ، وجحدهم الكفر ، وكذب سرائرهم : بجحدهم " .

" وذكر كفرهم في غير آية ، وسماهم : بالنفاق إذ أظهروا الإيمان : وكانوا على غيره . قال : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) " .

[ ص: 295 ] - " فأخبر الله (عز وجل ) عن المنافقين - : بالكفر ، وحكم فيهم - : بعلمه : من أسرار خلقه ما لا يعلمه غيره . - : بأنهم في الدرك الأسفل : من النار ، وأنهم كاذبون : بأيمانهم . وحكم فيهم [جل ثناؤه ] - في الدنيا - : أن ما أظهروا : من الإيمان - : وإن كانوا [به ] كاذبين . - : لهم جنة من القتل : وهم المسرون الكفر ، المظهرون الإيمان " .

" وبين على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : مثل ما أنزل الله (عز وجل ) في كتابه " . وأطال الكلام فيه .

قال الشافعي : " وأخبر الله (عز وجل ) عن قوم : من الأعراب ؛ [ ص: 296 ] فقال : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا : أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) . فأعلم : أن لم يدخل الإيمان في قلوبهم ، وأنهم أظهروه ، وحقن به دماءهم " .

قال الشافعي : " قال مجاهد - في قوله : ( أسلمنا ) . - : أسلمنا : مخافة القتل ، والسبي " .

قال الشافعي : " ثم أخبر : أنه يجزيهم : إن أطاعوا الله ورسوله يعني : إن أحدثوا طاعة الله ورسوله " .

قال الشافعي : " والأعراب لا يدينون دينا : يظهر بل : يظهرون الإسلام ، ويستخفون : الشرك ، والتعطيل . قال الله - عز وجل - : ( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول )

" .

وقال - في قوله تعالى : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا [ ص: 297 ] ولا تقم على قبره . ) - : " [فأما أمره : أن لا يصلي عليهم ] : فإن صلاته - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - : مخالفة صلاة غيره ، وأرجو : أن يكون قضى - : إذ أمره بترك الصلاة على المنافقين . - : أن لا يصلي على أحد إلا غفر له ، وقضى : أن لا يغفر لمقيم على شرك . فنهاه : عن الصلاة على من لا يغفر له " .

" قال الشافعي : " ولم يمنع رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) - من الصلاة عليهم - : مسلما ، ولم يقتل منهم - بعد هذا - أحدا " .

قال الشافعي - في غير هذا الموضع - : " [وقد قيل - في قول الله - عز وجل - ] : ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) . - : ما هم بمخلصين " .

* * *

[ ص: 298 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية