الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، [ ص: 299 ] قال : " وأبان الله (عز وجل ) لخلقه : أنه تولى الحكم - : فيما أثابهم ، وعاقبهم عليه . - : على ما علم : من سرائرهم : وافقت سرائرهم علانيتهم ، أو خالفتها . فإنما جزاهم بالسرائر : فأحبط عمل [كل ] من كفر به " .

" ثم قال (تبارك وتعالى ) فيمن فتن عن دينه : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) فطرح عنهم حبوط أعمالهم ، والمأثم بالكفر : إذا كانوا مكرهين ، وقلوبهم على الطمأنينة : بالإيمان وخلاف الكفر " .

" وأمر بقتال الكافرين : حتى يؤمنوا ، وأبان ذلك [جل وعز : ] حتى يظهروا الإيمان . ثم أوجب للمنافقين - : إذا أسروا الكفر . - : نار جهنم ، فقال : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) " .

" وقال تعالى : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ) إلى قوله تعالى : ( اتخذوا أيمانهم جنة ) يعني (والله أعلم ) : من القتل " .

[ ص: 300 ] " فمنعهم من القتل ، ولم يزل عنهم - في الدنيا - أحكام الإيمان : بما أظهروا منه . وأوجب لهم الدرك الأسفل : من النار بعلمه : بسرائرهم ، وخلافها : لعلانيتهم بالإيمان " .

" وأعلم عباده - مع ما أقام عليهم : [من ] الحجة : بأن ليس كمثله أحد في شيء . - : أن علمه : بالسرائر ، والعلانية واحد . فقال : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، وقال - عز وجل - : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) مع آيات أخر : من الكتاب " .

" قال : وعرف جميع خلقه - في كتابه - : أن لا علم لهم ، لا ما علمهم . فقال : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) " ، وقال : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) " .

" ثم علمهم بما آتاهم : من العلم ، وأمرهم : بالاقتصار عليه ، [وأن إلا يتولوا غيره إلا : بما علمهم ] ، فقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب [ ص: 301 ] ولا الإيمان ) الآية ، وقال تعالى : ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ، ) وقال - عز وجل - : ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) " .

وذكر سائر الآيات : التي وردت في علم الغيب ، وأنه " حجب عن نبيه (صلى الله عليه وسلم ) علم الساعة " . [ثم قال ] : " فكان من جاوز ملائكة الله المقربين ، وأنبياءه المصطفين - : من عباد الله . - : أقصر علما ، وأولى : أن لا يتعاطوا حكما [ ص: 302 ] على غيب أحد - : [لا ] بدلالة ، ولا ظن . - : لتقصير علمهم عن علم أنبيائه : الذين فرض عليهم الوقف عما ورد عليهم ، حتى يأتيهم أمره " . وبسط الكلام في هذا .

* * *

[ ص: 303 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية