الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( وشاهد ومشهود ) . [قال الشافعي ] أنا إبراهيم بن محمد ، حدثني صفوان بن سليم ، عن نافع بن جبير ، وعطاء بن يسار - : أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال : " شاهد : يوم الجمعة ، ومشهود : يوم عرفة " .

[ ص: 93 ] وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " قال الله - عز وجل - : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ، وذروا البيع ) . والأذان - الذي يجب على من عليه فرض الجمعة : أن يذر عنده البيع . - : الأذان الذي كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، وذلك : الأذان الثاني : بعد الزوال ، وجلوس الإمام على المنبر " .

وبهذا الإسناد . قال الشافعي : " ومعقول : أن السعي - في هذا الموضع - : العمل لا : السعي على الأقدام . قال الله - عز وجل - : ( إن سعيكم لشتى ) ، وقال - عز وجل - : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ) ، وقال : ( وكان سعيكم مشكورا ) ، وقال تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) ، وقال : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ) . وقال زهير :

[ ص: 94 ]

سعى بعدهم قوم لكي يدركوهم فلم يفعلوا ، ولم يلاموا ، ولم يألوا      [وما يك من خير أتوه : فإنما
توارثه آباء آبائهم قبل     وهل يحمل الخطي إلا وشيجه
وتغرس - إلا في منابتها - النخل ]



* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " قال الله - عز وجل - : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما ) . قال : ولم أعلم مخالفا : أنها نزلت في خطبة النبي (صلى الله عليه وسلم ) يوم الجمعة " .

قال الشيخ : في رواية حرملة، وغيره - عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر - : - " أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) كان يخطب يوم الجمعة [ ص: 95 ] قائما ، فانفتل [الناس ] إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا . فأنزلت هذه الآية " .

وفي حديث كعب بن عجرة : دلالة على أن نزولها كان في خطبته قائما . قال : وفي حديث حصين : " بينما نحن نصلي الجمعة " ، فإنه عبر بالصلاة عن الخطبة .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " قال الله - عز وجل - : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) .

قال الشافعي : فأمرهم - : خائفين ، محروسين . - : بالصلاة فدل ذلك على أنه أمرهم بالصلاة : للجهة التي وجوههم لها : من القبلة " .

" وقال تعالى : ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) . فدل إرخاصه - في أن يصلوا رجالا أو ركبانا - : على أن الحال التي أجاز لهم فيها : أن يصلوا رجالا وركبانا من الخوف غير الحال الأولى التي [ ص: 96 ] أمرهم فيها : بأن يحرس بعضهم بعضا . فعلمنا : أن الخوفين مختلفان ، وأن الخوف الآخر - : الذي أذن لهم فيه أن يصلوا رجالا وركبانا . - لا يكون إلا أشد [من ] الخوف الأول . ودل : على أن لهم أن يصلوا حيث توجهوا : مستقبلي القبلة ، وغير مستقبليها في هذه الحال وقعودا على الدواب ، وقياما على الأقدام . ودلت على ذلك السنة " . فذكر حديث ابن عمر في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية