الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو عبد الله ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " من العلم العام الذي لا اختلاف فيه بين أحد لقيته : فحدثنيه ، وبلغني عنه - : من علماء العرب . - : أنها كانت قبل نزول الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : تباين في الفضل ، ويكون بينها ما يكون بين الجيران : من قتل العمد ، والخطأ " .

" وكان بعضها : يعرف لبعض الفضل في الديات ، حتى تكون دية الرجل الشريف : أضعاف دية الرجل دونه " .

" فأخذ بذلك بعض من بين أظهرها - من غيرها . - : بأقصد مما كانت تأخذ به ، فكانت دية النضيري : ضعف دية القرظي " .

[ ص: 269 ] " وكان الشريف من العرب : إذا قتل يجاوز قاتله ، إلى من لم يقتله : من أشراف القبيلة التي قتله أحدها وربما لم يرضوا : إلا بعدد يقتلونهم " .

" فقتل بعض غني شأس بن زهير [العبسي ] : فجمع عليهم أبوه زهير بن جذيمة ، فقالوا له - أو بعض من ندب عنهم - : سل في قتل شأس ، فقال : إحدى ثلاث لا يرضيني غيرها ، فقالوا : ما هي ؟ فقال : تحيون لي شأسا ، أو تملؤون ردائي من نجوم السماء ، أو تدفعون لي غنيا بأسرها : فأقتلها ، ثم لا أرى : أني أخذت [منه ] عوضا " .

" وقتل كليب وائل : فاقتتلوا دهرا طويلا ، واعتزلهم بعضهم [ ص: 270 ] فأصابوا ابنا له - يقال له : بجير . - : فأتاهم ، فقال : قد عرفتم عزلتي ، فبجير ، بكليب - ، وهو أعز العرب - [وكفوا عن الحرب ] .

فقالوا : بجير بشسع [نعل ] كليب . فقاتلهم : وكان معتزلا " .

" قال : وقال : إنه نزل في ذلك [وغيره ] - : مما كانوا يحكمون به في الجاهلية . - هذا الحكم الذي أحكيه [كله ] بعد هذا ، وحكم الله بالعدل : فسوى في الحكم بين عباده : الشريف منهم ، والوضيع : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) " .

" فقال : إن الإسلام نزل : وبعض العرب يطلب بعضا بدماء [ ص: 271 ] وجراح ، فنزل فيهم : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) الآية " .

قال : " وكان بدء ذلك في حيين - : من العرب - : اقتتلوا قبل الإسلام بقليل ، وكان لأحد الحيين فضل على الآخر : فأقسموا بالله : ليقتلن بالأنثى الذكر ، وبالعبد منهم الحر . فلما نزلت هذه الآية : رضوا وسلموا " .

" قال الشافعي : وما أشبه ما قالوا من هذا ، بما قالوا - : لأن الله (عز وجل ) إنما ألزم كل مذنب ذنبه ، ولم يجعل جرم أحد على غيره : فقال : ( الحر بالحر ) : إذا كان (والله أعلم ) قاتلا له ( والعبد بالعبد ) : إذا كان قاتلا له ( والأنثى بالأنثى ) : إذا كانت قاتلة لها . لا : أن يقتل [ ص: 272 ] بأحد - : ممن [لم ] يقتله . - : لفضل المقتول على القاتل . وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : (أعدى الناس على الله (عز وجل ) : من قتل غير قاتله ) " .

" وما وصفت - : من أن لم أعلم مخالفا : في أن يقتل الرجل بالمرأة . - دليل : أن لو كانت هذه الآية [غير ] خاصة - كما قال من وصفت قوله : من أهل التفسير . - : لم يقتل ذكر بأنثى " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية