الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي - في قوله - عز وجل - : ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) . - : " والمثل واحد لا : أمثال . فكيف زعمت : أن عشرة لو قتلوا صيدا : جزوه بعشرة أمثال ؟ ! " .

[ ص: 122 ] وجرى في كلام الشافعي - : في الفرق بين المثل ، وكفارة القتل . - : أن الكفارة : موقتة ، والمثل : غير موقت فهو - بالدية ، والقيمة - أشبه .

واحتج - في إيجاب المثل في جزاء دواب الصيد ، دون اعتبار القيمة - : بظاهر الآية [فقال ] : " قال الله - عز وجل - : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) و[قد ] حكم عمر ، وعبد الرحمن ، وعثمان ، [وعلي ] ، وابن عباس ، وابن عمر ، وغيرهم (رضي الله عنهم ) - في بلدان مختلفة ، وأزمان شتى - : بالمثل من النعم " .

فحكم حاكمهم في النعامة : ببدنة ، والنعامة لا [ ص: 123 ] لا تساوي بدنة ، وفي حمار الوحش : ببقرة ، وهو لا يساوي بقرة ، وفي الضبع : بكبش ، وهو لا يساوي كبشا ، وفي الغزال : بعنز ، وقد يكون أكثر ثمنا منها أضعافا ، ومثلها ، ودونها ، وفي الأرنب : بعناق ، وفي اليربوع : بجفرة ، وهما لا يساويان عناقا ، ولا جفرة " .

" فهذا يدلك : على أنهم إنما نظروا إلى أقرب ما قتل - : من الصيد . - شبها بالبدن [من النعم ] لا بالقيمة . ولو حكموا بالقيمة : [ ص: 124 ] لاختلفت أحكامهم ؛ لاختلاف أسعار ما يقتل في الأزمان ، والبلدان " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية