الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه الله ) ، قال : " قال الله - عز وجل - : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) ، وقال : ( فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن ) " .

وذكر سائر الآيات التي وردت في الصداق ، ثم قال : " فأمر الله [ ص: 197 ] (عز وجل ) الأزواج : بأن يؤتوا النساء أجورهن ، وصدقاتهن ، والأجر [هو ] : الصداق ، والصداق هو : الأجر ، والمهر . وهي كلمة عربية : تسمى بعدة أسماء " .

" فيحتمل هذا : أن يكون مأمورا بصداق ، من فرضه - دون من لم يفرضه - : دخل ، أو لم يدخل ؛ لأنه حق ألزمه المرء نفسه : فلا يكون له حبس شيء منه ، إلا بالمعنى الذي جعله الله [له ] ، وهو : أن يطلق قبل الدخول . قال الله - عز وجل - : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) " .

" ويحتمل : أن يكون يجب بالعقد : وإن لم يسم مهرا ، ولم يدخل " .

[ ص: 198 ] " ويحتمل : أن يكون المهر لا يلزم أبدا ، إلا : بأن يلزمه المرء نفسه ، أو يدخل بالمرأة : وإن لم يسم مهرا " .

" فلما احتمل المعاني الثلاث ، كان أولاها أن يقال به : ما كانت عليه الدلالة : من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع " .

فاستدللنا - : بقول الله - عز وجل - : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) . - : أن عقد النكاح [يصح ] بغير فريضة صداق ، وذلك : أن الطلاق لا يقع إلا على من عقد نكاحه " .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " وكان بينا في كتاب الله (جل [ ص: 199 ] ثناؤه ) : أن على الناكح الواطئ ، صداقا : بفرض الله (عز وجل ) في الإماء : أن ينكحن بإذن أهلهن ، ويؤتين أجورهن . - ، والأجر : الصداق . - ، وبقوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ) ، وقال - عز وجل - : ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ) : [خالصة بهبة ، ولا مهر ، فأعلم : أنها للنبي (صلى الله عليه وسلم ) دون المؤمنين ] " .

وقال مرة أخرى - في هذه الآية - : " يريد (والله أعلم ) : النكاح ، والمسيس بغير مهر فدل : على أنه ليس لأحد غير رسول الله [ ص: 200 ] (صلى الله عليه وسلم ) : أن ينكح فيمس ، إلا لزمه مهر . مع دلالة الآي قبله " .

وقال - في قوله - عز وجل - : ( إلا أن يعفون ) . - : " يعني : النساء " .

[وفي قوله ] : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) : " يعني : الزوج ، وذلك : أنه إنما يعفو من له ما يعفوه " .

ورواه عن أمير المؤمنين : علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) وجبير بن مطعم ، وابن سيرين ، وشريح ، وابن المسيب ، وسعيد بن جبير ، [ ص: 201 ] ومجاهد ] .

وقال - في رواية الزعفراني عنه - : " وسمعت من أرضى ، يقول : الذي بيده عقدة النكاح : الأب في ابنته البكر ، والسيد في أمته فعفوه جائز " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية