الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " قال الله - عز وجل - : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ) " .

" فهذه : الحبس التي كان أهل الجاهلية يحبسونها ، فأبطل الله (عز وجل ) شروطهم فيها ، وأبطل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : بإبطال الله (عز وجل ) إياها " .

" وهي : أن الرجل كان يقول : إذا نتج فحل إبلي . ثم ألقح ، فأنتج منه - : فهو : حام . أي : قد حمى ظهره فيحرم ركوبه . ويجعل ذلك شبيها بالعتق له " .

" ويقول في البحيرة ، والوصيلة - على معنى يوافق بعض هذا " .

[ ص: 143 ] " ويقول لعبده : أنت حر سائبة : لا يكون لي ولاؤك ، ولا علي عقلك " .

" وقيل : إنه (أيضا ) - في البهائم - : قد سيبتك " .

" فلما كان العتق لا يقع على البهائم : رد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ملك البحيرة ، والوصيلة ، والحام ، إلى مالكه ، وأثبت العتق ، وجعل الولاء : لمن أعتق [السائبة ، وحكم له بمثل حكم النسب ] " .

وذكر في كتاب : (البحيرة ) . - في تفسير البحيرة - : " أنها : الناقة تنتج بطونا ، فيشق مالكها أذنها ، ويخلي سبيلها ، [ويحلب لبنها في البطحاء ، ولا يستجيزون الانتفاع بلبنها ] " .

[ ص: 144 ] قال : " وقال بعضهم : إذا كانت تلك خمسة بطون . وقال بعضهم : [إذا كانت تلك ] البطون كلها إناثا " .

قال : " والوصيلة : الشاة تنتج الأبطن ، فإذا ولدت آخر بعد الأبطن التي وقتوا لها - : قيل : وصلت أخاها " .

" وقال بعضهم : تنتج الأبطن الخمسة : عناقين عناقين في كل بطن فيقال : هذا وصيلة : يصل كل ذي بطن بأخ له معه " .

" وزاد بعضهم ، فقال : وقد يوصلونها : في ثلاثة أبطن ، وفي خمسة ، وفي سبعة " .

قال : " والحام : الفحل يضرب في إبل الرجل عشر سنين ، فيخلى ، ويقال : قد حمى هذا ظهره ، فلا ينتفعون من ظهره بشيء " .

[ ص: 145 ] قال : " وزاد بعضهم ، فقال : يكون لهم من صلبه ، أو ما أنتج مما خرج من صلبه - : عشر من الإبل فيقال : قد حمى هذا ظهره " .

وقال في السائبة ما قدمنا ذكره [ثم قال ] : " وكانوا يرجون [بأدائه ] البركة في أموالهم ، وينالون به عندهم : مكرمة في الأخلاق ، مع التبرر بما صنعوا فيه " ، وأطال الكلام في شرحه ، وهو منقول في كتاب الولاة ، من المبسوط .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية