الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس - هو : الأصم - أنا الربيع : أن الشافعي - رحمه الله - قال : " قال الله - تبارك وتعالى - في الصلاة : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله - عز وجل - تلك المواقيت ، وصلى الصلوات لوقتها ، فحوصر يوم الأحزاب ، فلم يقدر على الصلاة في وقتها ، فأخرها للعذر ، حتى صلى الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء في مقام واحد " .

قال الشافعي - رحمه الله - : " أنا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن عبد الرحمن بن [أبي] سعيد الخدري ، عن أبيه قال : حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كفينا ، وذلك قول الله - عز وجل - : ( وكفى الله المؤمنين القتال ) . قال : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا ، فأمره ، فأقام الظهر فصلاها ، فأحسن صلاتها كما كان [ ص: 35 ] يصليها في وقتها ، ثم أقام العصر فصلاها هكذا ، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ، ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا ، وذلك قبل أن يقول الله في صلاة الخوف : ( فرجالا أو ركبانا ) . قال الشافعي - رحمه الله - : " فبين أبو سعيد : أن ذلك قبل أن ينزل [الله] على النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية التي ذكرت فيها صلاة الخوف [وهي] قول الله - عز وجل - : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) الآية . وقال تعالى : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) الآية . وذكر الشافعي - رحمه الله - حديث صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف [يوم ذات الرقاع] . ثم قال : وفي هذا دلالة على ما وصفت : من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سن سنة ، فأحدث الله في تلك السنة نسخها أو مخرجا إلى سعة منها : سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة تقوم الحجة على الناس بها ، حتى يكونوا إنما صاروا من سنته إلى سنته التي بعدها . قال : فنسخ الله تأخير الصلاة عن وقتها في الخوف إلى أن يصلوها - كما أمر الله [في وقتها] ونسخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنته في تأخيرها ، بفرض الله في كتابه ، ثم بسنته ، فصلاها في وقتها كما ، وصفنا " .

[ ص: 36 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية