(أنا )  أبو سعيد بن أبي عمرو  ، أنا  أبو العباس  ، أنا  الربيع  ، قال : قال  الشافعي   : " فرض الله (جل ثناؤه ) الصلاة على رسوله (صلى الله عليه وسلم ) ،  فقال : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما   ) . فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع ، أولى منه في الصلاة ، ووجدنا الدلالة عن رسول الله  [ ص: 72 ]  (صلى الله عليه وسلم ) ، [بما ، وصفت : من أن الصلاة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ] فرض في الصلاة والله أعلم " . فذكر حديثين : ذكرناهما في كتاب (المعرفة ) . 
(وأنا )  أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني   (رحمه الله ) ، أنا  أبو سعيد بن الأعرابي  ، أنا  الحسن بن محمد الزعفراني  ، نا  محمد بن إدريس الشافعي  قال : " أنا  مالك  ، عن  نعيم بن عبد الله المجمر   - : أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري   - وعبد الله بن زيد  هو : الذي [كان ] أري النداء بالصلاة . - أخبره ، عن  أبي مسعود الأنصاري ،  أنه قال : أتانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في مجلس  سعد بن عبادة ،  فقال له بشير بن سعد :  أمرنا الله أن نصلي عليك يا نبي الله ، فكيف نصلي عليك ؟ فسكت النبي (صلى الله عليه وسلم ) ، حتى تمنينا أنه لم يسأله . فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : قولوا : " اللهم صل على محمد  وعلى آل محمد  ، كما صليت على إبراهيم ،  وبارك على محمد  وعلى آل محمد  ، كما باركت على إبراهيم ،  في العالمين ، إنك حميد مجيد " . 
 [ ص: 73 ] ورواه المزني ،  وحرملة عن  الشافعي  ، وزاد فيه : " والسلام كما [قد ] علمتم " . وفي هذا : إشارة إلى السلام الذي في التشهد ، على النبي (صلى الله عليه وسلم ) ،  وذلك : في الصلاة . فيشبه : أن تكون الصلاة التي أمر بها (عليه السلام ) - أيضا - في الصلاة ، والله أعلم . 
قال  الشافعي   (رحمه الله ) - في رواية  حرملة   - : " والذي أذهب إليه - من هذا - : حديث أبي مسعود ،  عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) . وإنما ذهبت إليه : لأني رأيت الله (عز وجل ) ذكر ابتداء صلاته على نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ، وأمر المؤمنين بها ، فقال : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما   ) ، وذكر صفوته من خلقه ، فأعلم : أنهم أنبياؤه ، ثم ذكر صفوته من آلهم ، فذكر : أنهم أولياء أنبيائه ، فقال : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين   ) . وكان حديث أبي مسعود - : أن ذكر الصلاة على محمد  وآل محمد   . - يشبه عندنا لمعنى الكتاب ، والله أعلم " . 
" قال  الشافعي   : وإني لأحب : أن يدخل - مع آل محمد   (صلى الله عليه وسلم ) -  [ ص: 74 ] أزواجه ، وذريته حتى يكون قد أتى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " . 
" قال  الشافعي   (رحمه الله ) : واختلف الناس في آل محمد   (صلى الله عليه وسلم ) ، فقال منهم قائل : آل محمد   : أهل دين محمد   . ومن ذهب هذا المذهب ، أشبه أن يقول : قال الله تعالى لنوح :   ( احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك   ) ، وحكى [فقال ] ( إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين  قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح   ) الآية . [فأخرجه بالشرك عن أن يكون من أهل نوح   ] " . 
" قال  الشافعي   : والذي نذهب إليه في معنى [هذه ] الآية : أن قول الله (عز وجل ) : ( إنه ليس من أهلك   ) يعني الذين أمرنا [ك ] بحملهم معك . (فإن قال قائل ) : وما دل على ما وصفت ؟ (قيل ) : قال الله - عز وجل - : ( وأهلك إلا من سبق عليه القول   ) ، فأعلمه أنه أمره : بأن يحمل من أهله ، من لم يسبق عليه القول : أنه أهل معصية ؛  [ ص: 75 ] ثم بين له ، فقال : ( إنه عمل غير صالح   ) " . 
" قال  الشافعي   : وقال قائل : آل محمد   : أزواج النبي محمد   (صلى الله عليه وسلم ) . فكأنه ذهب : إلى أن الرجل يقال له : ألك أهل ؟ فيقول : لا ، وإنما يعني : ليست لي زوجة " . 
" قال  الشافعي   : وهذا معنى يحتمله اللسان ، ولكنه معنى كلام لا يعرف ، إلا أن يكون له سبب كلام يدل عليه . وذلك : أن يقال للرجل : تزوجت ؟ فيقول : ما تأهلت فيعرف - بأول الكلام - أنه أراد : تزوجت أو يقول الرجل : أجنبت من أهلي فيعرف : أن الجنابة إنما تكون من الزوجة . فأما أن يبدأ الرجل - فيقول : أهلي ببلد كذا ، أو أنا أزور أهلي ، وأنا عزيز الأهل ، وأنا كريم الأهل . - : فإنما يذهب الناس في هذا : إلى أهل البيت " . 
" وذهب ذاهبون : إلى أن آل محمد   (صلى الله عليه وسلم ) : قرابة محمد   (صلى الله عليه وسلم ) : التي ينفرد بها دون غيرها : من قرابته " . 
" قال  الشافعي   (رحمه الله ) : وإذا عد [من ] آل الرجل : ولده  [ ص: 76 ] الذين إليه نسبهم ، ومن يأويه بيته : من زوجه أو مملوكه أو مولى أو أحد ضمه عياله ، وكان هذا في بعض قرابته من قبل أبيه ، دون قرابته من قبل أمه ، وكان يجمعه قرابة في بعض قرابته من قبل أبيه ، دون بعض . - : فلم يجز أن يستعمل على ما أراد الله (عز وجل ) من هذا ، ثم رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) إلا بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) :  " إن الصدقة لا تحل لمحمد،  ولا لآل محمد  ،  وإن الله حرم علينا الصدقة ، وعوضنا منها الخمس " دل هذا على أن آل محمد   : الذين حرم الله عليهم الصدقة ، وعوضهم منها الخمس . " وقال الله - عز وجل - : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى   ) . فكانت هذه الآية في معنى قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) :  " إن الصدقة لا تحل لمحمد،  ولا لآل محمد   " ، وكان الدليل عليه : أن لا يوجد أمر يقطع العنت ، ويلزم أهل العلم (والله أعلم ) إلا الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) . فلما فرض الله على نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : أن يؤتي ذا القربى حقه ، وأعلمه : أن لله خمسه ، وللرسول ، ولذي القربى ، فأعطى سهم ذي القربى ، في بني هاشم ،  وبني المطلب   - : دل ذلك على أن الذين أعطاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) الخمس ، هم :  [ ص: 77 ] آل محمد  الذين أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) بالصلاة عليهم معه ، والذين اصطفاهم من خلقه ، بعد نبيه (صلى الله عليه وسلم ) . فإنه يقول : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين   ) ، فاعلم : أنه اصطفى الأنبياء (صلوات الله عليهم ) ، [وآلهم ] " . 
* * * 
				
						
						
