الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( ولله على الناس حج البيت [ ص: 113 ] من استطاع إليه سبيلا . ) والاستطاعة - في دلالة السنة ، والإجماع - : أن يكون الرجل يقدر على مركب وزاد : يبلغه ذاهبا وجائيا ، وهو يقوى على المركب . أو : أن يكون له مال ، فيستأجر به من يحج عنه . أو : يكون له من : إذا أمره أن يحج عنه ، أطاعه " . وأطال الكلام في شرحه .

وإنما أراد به : الاستطاعة التي هي سبب وجوب الحج . فأما الاستطاعة - التي هي : خلق الله تعالى ، مع كسب العبد . - : فقد قال الشافعي في أول كتاب (الرسالة ) : " والحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة - من نعمه - إلا بنعمة منه : توجب على مؤدي ماضي نعمه ، بأدائها - : نعمة حادثة يجب عليه شكره [بها ] " .

وقال بعد ذلك : " وأستهديه بهداه : الذي لا يضل من أنعم به عليه " .

وقال في هذا الكتاب : " الناس متعبدون : بأن يقولوا ، أو يفعلوا [ ص: 114 ] ما أمروا : أن ينتهوا إليه ، لا يجاوزونه ؛ لأنهم لم يعطوا أنفسهم شيئا ، إنما هو : عطاء الله (جل ثناؤه ) . فنسأل الله : عطاء : مؤديا لحقه ، موجبا لمزيده " .

وكل هذا : فيما أنبأنا أبو عبد الله ، عن أبي العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي .

وله - في هذا الجنس - كلام كثير : يدل على صحة اعتقاده في التعري من حوله وقوته ، وأنه لا يستطيع العبد أن يعمل بطاعة الله (عز وجل ) ، [إلا بتوفيقه ] . وتوفيقه : نعمته الحادثة : التي بها يؤدى شكر نعمته الماضية وعطاؤه : الذي به يؤدى حقه ، وهداه : الذي به لا يضل من أنعم به عليه .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية