[ ص: 50 ] باب جامع الأيمان 
قوله ( يرجع في الأيمان إلى النية    ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به أكثرهم . وقال  القاضي    : يقدم عموم لفظه على النية احتياطا . 
تنبيه : قوله " يرجع في الأيمان إلى النية " مقيد بأن يكون الحالف بها غير ظالم . نص عليه . على ما تقدم ، وأن يحتملها لفظه مطلقا . على الصحيح من المذهب . قدمه في الرعايتين . وجزم به أبو محمد الجوزي    . وصححه في تصحيح المحرر . وقال في المحرر ، وجماعة : ويقبل منه في الحكم إذا قرب الاحتمال ، وإن قوي بعده منه : لم يقبل . وإن توسط : فروايتان . وأطلقهما في الفروع . وتقدم ذلك في أول " باب التأويل في الحلف " . وتقدم تصوير بعض مسائل من ذلك ، وذكر الخروج من مضايق الأيمان مستوفى في " باب التأويل في الحلف " في أوله وآخره فليراجع . قوله ( فإن لم يكن له نية : رجع إلى سبب اليمين وما هيجها ) وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به  الخرقي  ، والوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس  ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال في الفروع : وقدم السبب على النية  الخرقي  ، والإرشاد ، والمبهج . 
 [ ص: 51 ] وحكى رواية . وقدمه  القاضي  بموافقته للوضع .  وعنه    : يقدم عموم لفظه على سبب اليمين احتياطا . وذكر  القاضي    : وعلى النية أيضا . انتهى . وقال الزركشي    : اعتمد عامة الأصحاب تقديم النية على السبب . وعكس ذلك الشيرازي    . فقدم السبب على النية . انتهى . قلت    : وقطع به في الإرشاد . وقول صاحب الفروع " وقدم  الخرقي  السبب على النية " غير مسلم . وقال الزركشي  أيضا لما تكلم على كلام  الخرقي    : إذا لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ، ولا غير ظاهره رجع إلى سبب اليمين وما هيجها ، أي أثارها . فإذا حلف " لا يأوي مع امرأته في هذه الدار " وكان سبب يمينه غيظا من جهة الدار لضرر لحقه من جيرانها ، أو منة حصلت عليه بها ونحو ذلك : اختصت يمينه بها كما هو مقتضى اللفظ . وإن كان لغيظ من المرأة يقتضي جفاءها ، ولا أثر للدار فيه : تعدى ذلك إلى كل دار للمحلوف عليها بالنص وما عداها بعلة الجفاء التي اقتضاها السبب . وكذلك إذا حلف ( لا يدخل بلدا ) لظلم رآه فيه ، و ( لا يكلم زيدا ) لشربه الخمر . فزال الظلم ، وترك زيد شرب الخمر    : جاز له الدخول والكلام ، لزوال العلة المقتضية لليمين . 
وكلام  الخرقي  يشمل ما إذا كان اللفظ خاصا ، والسبب يقتضي التعميم ، كما مثلناه أولا ، أو كان اللفظ عاما والسبب يقتضي التخصيص ، كما مثلناه ثانيا . ولا نزاع بين الأصحاب فيما علمت في الرجوع إلى السبب المقتضي للتعميم واختلف في عكسه . فقيل : فيه وجهان .  [ ص: 52 ] وقيل : روايتان . وبالجملة : فيه قولان ، أو ثلاثة . أحدها : وهو المعروف عن  القاضي  في التعليق وفي غيره ، واختيار عامة أصحابه : الشريف  ،  وأبي الخطاب  في خلافيهما : يؤخذ بعموم اللفظ . وهو مقتضى نص  الإمام أحمد  رحمه الله وذكره . والقول الثاني وهو ظاهر كلام  الخرقي  ، واختيار  أبي محمد  ، وحكي عن  القاضي  في موضع : يحمل اللفظ العام على السبب . ويكون ذلك السبب مبنيا على أن العام أريد به خاص . والقول الثالث : لا يقتضي التخصيص فيما إذا حلف " لا يدخل البلد " لظلم رآه فيه . ويقتضي التخصيص فيما إذا دعي إلى غداء ، فحلف " لا يتغدى " أو حلف " لا يخرج عبده ولا زوجته إلا بإذنه " والحال يقتضي ما داما كذلك . وقد أشار  القاضي  إلى هذا التعليق . انتهى كلام الزركشي    . وقال في القاعدة الرابعة والعشرين بعد المائة وتبعه في القواعد الأصولية : هل يخص اللفظ العام بسببه الخاص ، إذا كان السبب هو المقتضي له ، أم يقضى بعموم اللفظ ؟ فيه وجهان . أحدهما : العبرة بعموم اللفظ . اختاره  القاضي  في الخلاف ، والآمدي  ، وأبو الفتح الحلواني  ،  وأبو الخطاب  ، وغيرهم . وأخذوه من نص  الإمام أحمد  رحمه الله في رواية علي بن سعيد  ، فيمن حلف لا يصطاد من نهر ، لظلم رآه فيه . ثم زال الظلم    . قال  الإمام أحمد  رحمه الله : النذر يوفي به . والوجه الثاني : العبرة بخصوص السبب ، لا بعموم اللفظ . 
 [ ص: 53 ] وهو الصحيح عند صاحب المغني ، والبلغة ، والمحرر . لكن  المجد  استثنى صورة النهر وما أشبهها ، كمن حلف " لا يدخل بلدا " لظلم رآه فيه . ثم زال الظلم . فجعل العبرة في ذلك بعموم اللفظ . وعدى  المصنف  الخلاف إليها . ورجحه  ابن عقيل  في عمد الأدلة ، وقال : هو قياس المذهب . وجزم به  القاضي  في موضع من المجرد . واختاره الشيح تقي الدين  رحمه الله . وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة ، وذكره . قال في القواعد : وهذا أحسن . وقد يكون لحظ هذا جده 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					