الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن حلف " لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى فلان القاضي " فعزل : انحلت يمينه ، إن نوى ما دام قاضيا ) . قال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع : قوله " انحلت يمينه " فيه نظر ; لأن المذهب عود الصفة . فيحمل على أنه نوى تلك الولاية . وذلك النكاح ونحوه . انتهى . وقوله ( وإن لم ينو : احتمل وجهين ) . وهما روايتان . وهما كالوجهين المتقدمين في المسألة التي قبلها . أحدهما : تنحل يمينه . صححه التصحيح . وهو ظاهر كلامه في الوجيز . وظاهر ما اختاره المصنف أولا .

[ ص: 57 ] والوجه الثاني : لا تنحل يمينه . قال في الفروع : ونصه يحنث . قال القاضي : قياس المذهب : لا تنحل يمينه . وتقدم كلام الزركشي ، وصاحب القواعد . لأن هذه المسائل من جملة القاعدة . وقال في الترغيب : إن كان السبب أو القرائن تقتضي حالة الولاية : اختص بها . وإن كانت تقتضي الرفع إليه بعينه مثل أن يكون مرتكب المنكر قرابة الوالي مثلا وقصد إعلامه بذلك لأجل قرابته : تناول اليمين حال الولاية والعزل . وإلا فوجهان . فعلى الوجه الأول : لو رأى المنكر في ولايته فأمكنه رفعه ، فلم يرفعه إليه حتى عزل : لم يبر برفعه إليه في حال عزله . وهل يحنث بعزله ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع . أحدهما : يحنث بعزله . قلت : وهو أولى . والوجه الثاني : لا يحنث بعزله . وإن مات قبل إمكان رفعه إليه : حنث أيضا على الصحيح . قدمه في المغني ، والشرح . وقيل : لا يحنث . وهو احتمال في المغني ، والشرح . قلت : وهو أولى . وأطلقهما في الفروع . [ ص: 58 ] وأما على الوجه الثاني وهو كون يمينه لا تنحل في أصل المسألة ، لو رفعه إليه بعد عزله بر بذلك .

فائدة : إذا لم يعين الوالي إذن ، ففي تعيينه وجهان في الترغيب . للتردد بين تعيين العهد والجنس . وتابعه في الفروع . وقال في الترغيب أيضا : لو علم به بعد علمه ، فقيل : فات البر كما لو رآه معه . وقيل : لا لإمكان صورة الرفع . فعلى الأول : هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه . وفيه وجهان . وكذا قوله جوابا لقولها " تزوجت علي " " كل امرأة لي طالق " تطلق على نصه . وقطع به جماعة ، أخذا بالأعم من لفظ وسبب . قوله ( فإن عدم ذلك ) يعني : النية ، وسبب اليمين ، وما هيجها ( رجع إلى التعيين ) هذا المذهب . جزم به هنا في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والوجيز ، ومنتخب الأدمي البغدادي . وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، وغيرهم . وصححه في المحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقيل : يقدم الاسم شرعا أو عرفا أو لغة على التعيين . وقال في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة : فإن عدم النية والسبب رجعنا إلى ما يتناوله الاسم . فإن اجتمع الاسم والتعيين ، أو الصفة والتعيين : غلبنا التعيين . فإن اجتمع الاسم والعرف ، فقال في المذهب ، والخلاصة : فأيهما يغلب ؟ فيه وجهان [ ص: 59 ] قال في الهداية : فقد اختلف أصحابنا . فتارة غلبوا الاسم . وتارة غلبوا العرف . قال في الفروع : وذكر يوسف بن الجوزي النية ، ثم السبب ، ثم مقتضى لفظه عرفا ، ثم لغة . انتهى .

وقال في المذهب الأحمد : النية ، ثم السبب ، ثم التعيين ، ثم إلى ما يتناوله الاسم . وإن كان للفظ عرف غالب ، حمل كلام الحالف عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية