الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يقبل في الترجمة والجرح والتعديل والتعريف والرسالة إلا قول عدلين ) . [ ص: 294 ] هذا المذهب بلا ريب . قاله في الفروع ، وغيره . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به الخرقي ، وصاحب الوجيز ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والمغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم من الأصحاب . وعنه : يقبل قول واحد . اختاره أبو بكر . وأطلقهما في الرعاية الكبرى . فعلى المذهب : يكون ذلك شهادة تفتقر إلى العدد والعدالة . ويعتبر فيها من الشروط ما يعتبر في الشهادة على الإقرار بذلك الحق . فإن كان مما يتعلق بالحدود والقصاص : اعتبر فيه الحرية . ولم يكف إلا شاهدان ذكران . وإن كان مالا : كفى فيه رجل وامرأتان . ولم تعتبر الحرية . وإن كان في حد زنا ، فالأصح : أربعة . وقيل : يكفي اثنان . بناء على الروايتين في الشهادة على الإقرار بالزنا . على ما تقدم . ويعتبر فيه لفظ الشهادة . وعلى الرواية الثانية : يصح بدون لفظ الشهادة ، ولو كان امرأة أو والدا أو ولدا ، أو أعمى لمن خبره بعد عماه . ويقبل من العبد أيضا . ويكتفي بالرقعة مع الرسول . ولا بد من عدالته . [ ص: 295 ] وعلى المذهب : تجب المشافهة . قال القاضي : تعديل المرأة : هل هو مقبول ؟ مبني على أصل . وهو : هل الجرح والتعديل شهادة أو خبر ؟ على قولين . فإن قلنا : هو خبر ، قبل تعديلهن . وإن قلنا : بقول الخرقي ، وأنه شهادة ، فهل يقبل تعديلهن ؟ مبني على أصل آخر . وهو : هل تقبل شهادتهن فيما لا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال ، كالنكاح ؟ وفيه روايتان .

إحداهما : تقبل . فيقبل تعديلهن .

الثانية : لا تقبل وهذا الصحيح . فلا يقبل تعديلهن . انتهى . فوائد

الأولى : من رتبهم الحاكم يسألون سرا عن الشهود لتزكية أو جرح ، فقيل : يعتبر شروط الشهادة فيهم . قدمه في المغني ، والشرح . فقالا : ويقبل قول أصحاب المسائل . قال في الكافي : ويجب أن يكونوا عدولا ، ولا يسألون عدوا ولا صديقا . وهذا ظاهر ما جزم به في المستوعب . وقيل : تشترط شروط الشهادة في المسئولين . لا فيمن رتبهم الحاكم . وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، والزركشي . وقال في الترغيب : وعلى قولنا " التزكية ليست شهادة " لا يعتبر لفظ الشهادة والعدد في الجميع .

الثانية : من سأله حاكم عن تزكية من شهد عنده : أخبره ، وإلا لم يجب . [ ص: 296 ]

الثالثة : من نصب للحكم بجرح أو تعديل ، وسماع بينة : قنع الحاكم بقوله وحده ، إذا قامت البينة عنده .

الرابعة : قال في المطلع : المراد بالتعريف تعريف الحاكم ، لا تعريف الشاهد المشهود عليه .

قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يجوز أن يقول الرجل للرجل " أنا أشهد أن هذه فلانة " ويشهد على شهادته . قال : والفرق بين الشهود والحاكم من وجهين .

أحدهما : أن حاجة الحاكم إلى ذلك أكثر من الشهود .

والثاني : أن الحاكم يحكم بغلبة الظن ، والشاهد لا يجوز له أن يشهد ، غالبا ، إلا على العلم . انتهى . وقال في الفروع في " كتاب الشهادات " ومن جهل رجلا حاضرا شهد في حضرته لمعرفة عينه ، وإن كان غائبا ، فعرفه به من يسكن إليه وعنه : اثنان . وعنه : جماعة شهد وإلا فلا . وعنه : المنع . وحملها القاضي على الاستحباب . والمرأة كالرجل . وعنه : إن عرفها كما يعرف نفسه . وعنه أو نظر إليها : شهد وإلا فلا . ونقل حنبل : يشهد بإذن زوج . وعلله بأنه أملك بعصمتها . وقطع به في المبهج للخبر . وعلله بعضهما بأن النظر حقه . قال في الفروع : وهو سهو . [ ص: 297 ] ويأتي ذلك أيضا في " كتاب الشهادات " . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله التعريف . يتضمن تعريف عين المشهود عليه ، والمشهود له ، والمشهود به ، إذا وقعت على الأسماء ، وتعريف المحكوم له والمحكوم عليه ، والمحكوم به ، وتعريف المثبت عليه ، والمثبت له ، ونفس المثبت في كتاب القاضي إلى القاضي . والتعريف مثل الترجمة سواء . فإنه بيان مسمى هذا الاسم . كما أن الترجمة كذلك . لأن التعريف قد يكون في أسماء الأعلام والترجمة في أسماء الأجناس . وهذا التفسير لا يختص بشخص دون شخص . انتهى . ذكره في شرح المحرر عند قوله " ولا يقبل في الترجمة وغيرها إلا عدلان " .

التالي السابق


الخدمات العلمية