الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا ثبتت الولاية ، وكانت عامة : استفاد بها النظر في عشرة أشياء : فصل الخصومات ، واستيفاء الحق ، ممن هو عليه . ودفعه إلى ربه ، والنظر في أموال اليتامى ، والمجانين والسفهاء ، والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس ، والنظر في الوقوف في عمله بإجرائها على شرط الواقف ، وتنفيذ الوصايا ، وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن ، وإقامة الحدد ، وإقامة الجمعة ) . [ ص: 163 ] وكذا إقامة العيد . وهذا المذهب بلا ريب . وعليه الأصحاب . وقطعوا به في الجملة . وقال الناظم : وقبض خراج والزكاة أجرة وأن يلي جمعة والعيد في المتجود فظاهره : إجراء الخلاف في الجمعة والعيد . ولم أره لغيره . ولعل الخلاف عائد إلى قبض الخراج والزكاة . تنبيهان أحدهما : محل ذلك إذا لم يخصا بإمام .

الثاني : قوله " وإقامة الجمعة " وتبعه على ذلك ابن منجا في شرحه ، وصاحب المذهب الأحمد ، ومنتخب الأدمي ، والمنور . وقال القاضي : وإمامة الجمعة بالميم بدل القاف . وتبعه صاحب الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والمغني ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، والفروع ، وغيرهم وتقدم عبارة الناظم . قال الحارثي : قال الشيخ : وإقامة الجمعة بالقاف . وعلل بأن الأئمة كانوا يقيمونها ، والقاضي ينوب عنهم . و " الإقامة " قد يراد بها ولاية الإذن في إقامتها ، ومباشرة الإمامة فيها . وقد يراد بها نصب الأئمة مع عدم ولاية أصل الإذن . وقال في المغني : إمامة بالميم كقول أبي الخطاب وغيره . وكذا القاضي . فيحتمل إرادة نصب الأئمة . وهذا أظهر . وفيه جمع بين العبارتين . فإن النصب فيهما إقامة لهما . وعلى هذا : نصب أئمة المساجد . [ ص: 164 ] ويحتمل إرادة فعل الإمامة ، كما صرح به بعض شيوخنا في مصنفه . قال : وأن يؤم في الجمعة والعيد ، مع عدم إمام خاص لهما . إلا أن الحمل على هذا يلزم منه أن يكون له الإقامة أوالإمامة إلا في بقعة من عمله ، لا في جميع عمله . إذ لا يمكن منه الفعل إلا في بقعة واحدة منه . وهو خلاف الظاهر من إطلاق : أن له فعل ذلك في عمله . انتهى . قلت : عبارته في الرعايتين والحاوي " وأن يؤم في الجمعة والعيد " كما في نقل الحارثي عن بعض مشايخه .

فائدة : من جملة ما نستفيده مما ذكره المصنف هنا : النظر في عمل مصالح عمله بكف الأذى عن طرقات المسلمين وأقليتهم ، وتصفح حال شهوده وأمنائه ، والاستبدال ممن ثبت جرحه منهم . وينظر أيضا في أقوال الغائبين . على ما يأتي في أواخر " باب آداب القاضي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية