الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) - في قول الله عز وجل : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) . - :

" فجعل قولهم الكفر : مغفورا لهم ، مرفوعا عنهم : في الدنيا والآخرة . فكان المعنى الذي عقلنا : أن قول المكره ، كما لم يقل : في الحكم . وعقلنا : أن الإكراه هو : أن يغلب بغير فعل منه . فإذا تلف [ ص: 115 ] ما حلف : ليفعلن فيه شيئا ؛ فقد غلب : بغير فعل منه . وهذا : في أكثر من معنى الإكراه ". .

وقد أطلق الشافعي (رحمه الله ) القول فيه ؛ واختار : " أن يمين المكره : غير ثابتة عليه ؛ لما احتج به : من الكتاب [والسنة ] ".

قال الشافعي : " و [هو ] قول عطاء : إنه يطرح عن الناس ، الخطأ والنسيان ". .

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي - " فيمن حلف لا يكلم رجلا ؛ فأرسل إليه رسولا ، أو كتب إليه كتابا " - : " فالورع : أن يحنث ؛ ولا يتبين : أنه يحنث . لأن الرسول والكتاب ، غير الكلام : وإن كان يكون كلاما في حال ".

[ ص: 116 ] " ومن حنثه ذهب : إلى أن الله (عز وجل ) قال : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ) . وقال : إن الله (عز وجل ) يقول للمؤمنين ، في المنافقين : ( قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم ) ؛ وإنما نبأهم من أخبارهم : بالوحي الذي نزل به جبريل (عليه السلام ) على النبي (صلى الله عليه وسلم ) ؛ ويخبرهم النبي (صلى الله عليه وسلم ) : بوحي الله عز وجل ".

" ومن قال : لا يحنث ؛ قال : لأن كلام الآدميين لا يشبه كلام الله (عز وجل ) : كلام الآدميين : بالمواجهة ؛ ألا ترى : أنه لو هجر [ ص: 117 ] رجل رجلا - كانت الهجرة محرمة عليه فوق ثلاث ليال - فكتب إليه ، أو أرسل إليه - : وهو يقدر على كلامه . - : لم يخرجه هذا من هجرته : التي يأثم بها ".

قال الشافعي (رحمه الله ) : " وإذا حلف الرجل : ليضربن عبده مائة سوط ؛ فجمعها ، فضربه بها - : فإن كان يحيط العلم : أنه إذا ضربه بها ، ماسته كلها - : فقد بر . وإن كان العلم مغيبا ، [فضربه بها ضربة ] : لم يحنث في الحكم ؛ ويحنث في الورع ". .

واحتج بقول الله عز وجل : ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ) ؛ وذكر خبر المقعد : الذي ضرب في الزنا ، [ ص: 118 ] بإثكال النخل .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية