الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : " أنا عبد الله بن الحارث بن عبد الملك ، عن ابن جريج : أنه قال لعطاء : ما الخير ؟ المال ؟ أو الصلاح ؟ أم كل ذلك ؟ قال : ما نراه إلا المال ؛ قلت : فإن لم يكن عنده مال : وكان رجل صدق ؟ قال : ما أحسب ما خيرا ] إلا : ذلك المال ؛ لا : الصلاح . قال : وقال مجاهد : ( إن علمتم فيهم خيرا ) : المال ؛ كاينة أخلاقهم وأديانهم ما كانت "

" قال الشافعي : الخير كلمة : يعرف ما أريد بها ، بالمخاطبة بها .

[ ص: 168 ] قال الله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) ؛ فعقلنا : أنهم خير البرية : بالإيمان وعمل الصالحات ؛ لا : بالمال ".

" وقال الله عز وجل : ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير ) ؛ فعقلنا : أن الخير : المنفعة بالأجر ؛ لا : أن في البدن لهم مالا ".

" وقال الله عز وجل : ( إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا ) ؛ فعقلنا : أنه : إن ترك مالا ؛ لأن المال : المتروك ؛ ولقوله : ( الوصية للوالدين والأقربين ) ".

" فلما قال الله عز وجل : ( إن علمتم فيهم خيرا ) : كان أظهر معانيها - : بدلالة ما استدللنا به : من الكتاب . - قوة على اكتساب المال ، وأمانة . لأنه قد يكون : قويا فيكسب ؛ فلا يؤدي : إذا لم [ ص: 169 ] يكن ذا أمانة . و : أمينا ، فلا يكون قويا على الكسب : فلا يؤدي . ولا يجوز عندي (والله أعلم ) - في قوله تعالى : ( إن علمتم فيهم خيرا ) . - إلا هذا ".

" وليس الظاهر : أن القول : إن علمت في عبدك مالا ؛ لمعنيين : (أحدهما ) : أن المال لا يكون فيه ؛ إنما يكون : عنده لا : فيه . ولكن : يكون فيه الاكتساب : الذي يفيده المال . (والثاني ) : أن المال - الذي في يده - لسيده : فكيف يكاتبه بماله ؟ ! - إنما يكاتبه : بما يفيد العبد بعد الكتابة . - : لأنه حينئذ ، يمنع ما [أفاد ] العبد : لأداء الكتابة ".

" ولعل من ذهب : إلى أن الخير : المال ؛ [أراد ] : أنه أفاد [ ص: 170 ] بكسبه مالا للسيد ؛ فيستدل : على أنه يفيد مالا يعتق به ؛ كما أفاد أولا ".

قال الشافعي : " وإذا جمع القوة على الاكتساب ، والأمانة - : فأحب إلي لسيده : أن يكاتبه . ولا يبين لي : أن يجبر عليه ؛ لأن الآية محتملة : أن يكون : إرشادا ، أو إباحة ؛ [لا : حتما ] . وقد ذهب هذا المذهب ، عدد : ممن لقيت من أهل العلم ". .

وبسط الكلام فيه ؛ واحتج - في جملة ما ذكر - : " بأنه لو كان . [ ص: 171 ] واجبا : لكان محدودا : بأقل ما يقع عليه اسم الكتابة ؛ أو : لغاية معلومة ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية