الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
" ما يؤثر عنه في التفسير ، في آيات متفرقة ، سوى ما مضى "

(أنا ) أبو عبد الله الحافظ - في كتاب : " المستدرك " - : أنا أبو العباس (محمد بن يعقوب ) : أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي : " أخبرني يحيى بن سليم ، نا ابن جريج ، عن عكرمة ، قال : دخلت على ابن عباس - : وهو يقرأ في المصحف ، قبل أن يذهب بصره ، وهو يبكي . - فقلت : ما يبكيك يا أبا عباس ؟ جعلني الله فداك .

[ ص: 174 ] فقال : هل تعرف (أيلة ) ؟ قلت : وما (أيلة ) ؟ قال : قرية كان بها ناس : من اليهود ؛ فحرم الله عليهم الحيتان : يوم السبت ؛ فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم : شرعا - : بيض سمان : كأمثال المخاض . - : بأفنياتهم وأبنياتهم ؛ فإذا كان في غير يوم السبت : لم يجدوها ، ولم يدركوها إلا : في مشقة ومونة شديدة ؛ فقال بعضهم - أو من قال ذلك منهم - : لعلنا : لو أخذناها يوم السبت ، [ ص: 175 ] وأكلناها في غير يوم السبت . ؟ ! ففعل ذلك أهل بيت منهم : فأخذوا فشووا ؛ فوجد جيرانهم ريح الشوي ، فقالوا : والله ؛ ما نرى [إلا ] أصاب بني فلان شيء . فأخذها آخرون : حتى فشا ذلك فيهم فكثر ؛ فافترقوا فرقا ثلاثا : فرقة : أكلت ؛ وفرقة : نهت ؛ وفرقة قالت : ( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ) ؟ ! . فقالت الفرقة التي نهت : إنا نحذركم غضب الله ، وعقابه : أن يصيبكم الله : بخسف ، أو قذف ؛ أو ببعض ما عنده : من العذاب ؛ والله : لا نبايتكم في مكان : وأنتم فيه . (قال ) : فخرجوا من البيوت ؛ فغدوا عليهم من الغد : فضربوا باب البيوت : فلم يجبهم [ ص: 176 ] أحد ؛ فأتوا بسلم : فأسندوه إلى البيوت ؛ ثم رقى منهم راق على السور ، فقال : يا عباد الله ؛ قردة (والله ) : لها أذناب ، تعاوى (ثلاث مرات ) . ثم نزل من السور : ففتح البيوت ؛ فدخل الناس عليهم : فعرفت القرود أنسابها : من الإنس ؛ ولم يعرف الإنس أنسابها : من القرود . (قال ) : فيأتي القرد إلى نسيبه وقريبه : من الإنس ؛ فيحتك به ويلصق ، ويقول الإنسان : أنت فلان ؟ فيشير برأسه - أي : نعم . - ويبكي . وتأتي القردة إلى نسيبها وقريبها : من الإنس ؛ فيقول لها الإنسان : أنت فلانة ؟ فتشير برأسها - أي : نعم : - وتبكي فيقول لها الإنسان : إنا حذرناكم غضب الله [ ص: 177 ] وعقابه : أن يصيبكم : بخسف ، أو مسخ ؛ أو ببعض ما عنده : من العذاب ". .

" قال ابن عباس : واسمع الله (عز وجل ) يقول : ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) ؛ فلا أدري : ما فعلت الفرقة الثالثة ؟ . قال ابن عباس : فكم قد رأينا : من منكر ؛ فلم ننه عنه . قال عكرمة : ألا ترى (جعلني الله فداك ) : أنهم أنكروا وكرهوا ؛ حين قالوا : ( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ) ؟ ! . فأعجبه قولي ذلك ؛ وأمر لي : ببردين غليظين ؛ فكسانيهما ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية