الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " فرض الله (تعالى ) الجهاد : في كتابه ، وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) . ثم أكد النفير من الجهاد ، فقال : ( إن الله اشترى [ ص: 31 ] من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ) ؛ وقال : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) ؛ وقال تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية ؛ وقال تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) الآية ". .

وذكر حديث أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : " لا أزال أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله " الحديث .

ثم قال : [وقال ] الله تعالى : ( ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) الآية ؛ وقال تعالى : ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) الآية ".

[ ص: 32 ] " قال الشافعي (رحمه الله ) : فاحتملت الآيات : أن يكون الجهاد كله ، والنفير خاصة منه - : [على ] كل مطيق [له ] ؛ لا يسع أحدا منهم التخلف عنه . كما كانت الصلاة والحج والزكاة . فلم يخرج أحد - : وجب عليه فرض [منها ] . - : أن يؤدي غيره الفرض عن نفسه ؛ لأن عمل أحد في هذا ، لا يكتب لغيره ".

" واحتملت : أن يكون معنى فرضها ، غير معنى فرض الصلاة . وذلك : أن يكون قصد بالفرض فيها : قصد الكفاية ؛ فيكون من قام بالكفاية - في جهاد من جوهد : من المشركين . - مدركا : تأدية الفرض ، ونافلة الفضل ؛ ومخرجا من تخلف : من المأثم ". .

قال الشافعي : " قال الله عز وجل : ( لا يستوي القاعدون من [ ص: 33 ] المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ) ".

" قال الشافعي : فوعد المتخلفين عن الجهاد : الحسنى على الإيمان ؛ وأبان فضيلة المجاهدين على القاعدين . ولو كانوا آثمين بالتخلف - : إذا غزا غيرهم . - : كانت العقوبة بالإثم - إن لم يعف الله [عنهم ] - أولى بهم من الحسنى ".

" قال الشافعي (رحمه الله ) : وقال الله تعالى : ( وما كان المؤمنون [ ص: 34 ] لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) ".

" فأخبر الله (عز وجل ) : أن المسلمين لم يكونوا لينفروا كافة ؛ قال : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا ) ؛ فأخبر : أن النفير على بعضهم دون بعض [و ] أن التفقه إنما هو على بعضهم ، دون بعض ". .

قال الشافعي : " وغزا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، وغزا [ ص: 35 ] معه من أصحابه جماعة ؛ وخلف آخرين : حتى خلف علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) في غزوة تبوك ". .

وبسط الكلام فيه ، وجعل نظير ذلك : الصلاة على الجنازة ، والدفن : ورد السلام .

* * *

[ ص: 36 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية