الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وفيما أنبأني أبو عبد الله (إجازة ) : أن أبا العباس حدثهم ، قال : أنا الربيع ، [ ص: 130 ] قال : قال الشافعي : " قال الله تبارك وتعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) ".

" فسمى الله في الشهادة : في الفاحشة - والفاحشة هاهنا (والله أعلم ) : الزنا . - : أربعة شهود . فلا تتم الشهادة : في الزنا ؛ إلا : بأربعة شهداء ، لا امرأة فيهم : لأن الظاهر من الشهداء : الرجال خاصة ؛ دون النساء ". . وبسط الكلام في الحجة على هذا .

قال الشافعي : " قال الله عز وجل : ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ) ".

[ ص: 131 ] " فأمر الله (جل ثناؤه ) في الطلاق والرجعة : بالشهادة ؛ وسمى فيها : عدد الشهادة ؛ فانتهى : إلى شاهدين ".

" فدل ذلك : على أن كمال الشهادة في الطلاق والرجعة : شاهدان لا نساء فيهما . لأن شاهدين لا يحتمل بحال ، أن يكونا إلا رجلين ".

" ودل أنى لم ألق مخالفا : حفظت عنه - : من أهل العلم . - أن حراما أن يطلق : بغير بينة ؛ على : أنه (والله أعلم ) : دلالة اختيار . واحتملت الشهادة على الرجعة - : من هذا . - ما احتمل الطلاق ". .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " والاختيار في هذا ، وفي غيره - : مما أمر فيه [بالشهادة ] . - : الإشهاد ". .

[ ص: 132 ] وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " قال الله تبارك : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) الآية والتي بعدها ؛ وقال في سياقها : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) ".

" قال الشافعي : فذكر الله (عز وجل ) شهود الزنا ؛ وذكر شهود الطلاق والرجعة ؛ وذكر شهود الوصية " - يعني : [في ] قوله تعالى : ( اثنان ذوا عدل منكم ) . - " : فلم يذكر معهم امرأة ".

" فوجدنا شهود الزنا : يشهدون على حد ، لا : مال ؛ وشهود الطلاق والرجعة : يشهدون على تحريم بعد تحليل ، وتثبيت تحليل ؛ لا مال : في واحد منهما ".

[ ص: 133 ] " وذكر شهود الوصية : ولا مال للمشهود : أنه وصي ".

" ثم : لم أعلم أحدا - : من أهل العلم . - خالف : في أنه لا يجوز في الزنا ، إلا : الرجال . وعلمت أكثرهم قال : ولا في طلاق ولا رجعة : إذا تناكر الزوجان . وقالوا ذلك : في الوصية . فكان ما حكيت - : من أقاويلهم . - دلالة : على موافقة ظاهر كتاب الله (عز وجل ) ؛ وكان أولى الأمور : أن يقاس عليه ، ويصار إليه ".

" وذكر الله (عز وجل ) شهود الدين : فذكر فيهم النساء ؛ وكان الدين : أخذ مال من المشهود عليه ".

" فالأمر - : على ما فرق الله (عز وجل ) بينه : من الأحكام في الشهادات . - : أن ينظر : كل ما شهد به على أحد ، فكان لا يؤخذ منه بالشهادة نفسها مال ؛ وكان : إنما يلزم بها حق غير مال ؛ أو شهد به لرجل : [ ص: 134 ] كان لا يستحق به مالا لنفسه ؛ إنما يستحق به غير مال - : مثل الوصية ، والوكالة ، والقصاص ، والحدود ، وما أشبه ذلك . - : فلا يجوز فيه إلا شهادة الرجال ".

" وينظر : كل ما شهد به - : مما أخذ به المشهود له ، من المشهود عليه ، مالا . - : فتجاز فيه شهادة النساء مع الرجال ؛ لأنه في معنى الموضع الذي أجازهن الله فيه : فيجوز قياسا ؛ لا يختلف هذا القول ، ولا يجوز غيره . والله أعلم ". .

* * *

[ ص: 135 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية