الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : حدثنا علي بن عمر الحافظ (ببغداد ) : نا عبد الله بن محمد بن أحمد بن [محمد بن ] عبد الله بن محمد بن العباس الشافعي ؛ حدثنا أبي ، عن أبيه : حدثني أبي [محمد بن ] عبد الله بن محمد ؛ قال : سمعت الشافعي يقول : " نظرت بين [ ص: 191 ] دفتي المصحف : فعرفت مراد الله (عز وجل ) في جميع ما فيه ، إلا حرفين " : (ذكرهما ، وأنسيت أحدهما ) ؛ " والآخر : قوله تعالى : ( وقد خاب من دساها ) ، فلم أجده : في كلام العرب ؛ فقرأت لمقاتل بن سليمان : أنها : لغة السودان ؛ وأن (دساها ) : أغواها ". .

قوله : " في كلام العرب " ؛ أراد : لغته ؛ أو أراد : فيما بلغه : من كلام العرب . والذي ذكره مقاتل - : لغة السودان . - : من كلام العرب ؛ والله أعلم .

* * *

وقرأت في كتاب . (السنن ) - رواية حرملة بن يحيى ، عن الشافعي رحمه الله - : قال : " قال الله عز وجل : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ) الآيتين ".

[ ص: 192 ] " قال : يقال (والله أعلم ) : إن بعض المسلمين تأثم من صلة المشركين - أحسب ذلك : لما نزل فرض جهادهم ، وقطع الولاية بينهم وبينهم ، ونزل : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) الآية. - فلما خافوا أن تكون [المودة ] : الصلة بالمال ، أنزل : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن [ ص: 193 ] تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) ".

" قال الشافعي (رحمه الله ) : وكانت الصلة بالمال ، والبر ، والإقساط ، ولين الكلام ، والمراسلة - : بحكم الله . - غير ما نهوا عنه : من الولاية لمن نهوا عن ولايته : مع المظاهرة على المسلمين ".

" وذلك : أنه أباح بر من لم يظاهر عليهم - : من المشركين . - والإقساط إليهم ؛ ولم يحرم ذلك : إلى من أظهر عليهم ؛ بل : ذكر الذين ظاهروا عليهم ، فنهاهم : عن ولايتهم . وكان الولاية : غير البر والإقساط ".

" وكان النبي (صلى الله عليه وسلم ) : فادى بعض أسارى بدر ؛ وقد كان أبو عزة الجمحي : ممن من عليه - : وقد كان معروفا : بعداوته ، والتأليب عليه : بنفسه ولسانه . - ومن بعد بدر : على ثمامة بن أثال : وكان معروفا : بعداوته ؛ وأمر : بقتله ؛ ثم من عليه بعد إساره . وأسلم [ ص: 194 ] ثمامة ، وحبس الميرة عن أهل مكة : فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، أن يأذن له : أن يميرهم ؛ فأذن له : فمارهم ".

" وقال الله عز وجل : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) ؛ والأسرى يكونون : ممن حاد الله ورسوله ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية