الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله عز وجل : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ؛ [ ص: 51 ] وقال جل ثناؤه : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ". .

قال في موضع آخر : " فقيل [فيه ] : (فتنة ) : شرك ؛ (ويكون الدين كله ) : واحدا (لله ) ". .

وذكر حديث أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : " لا أزال أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله ". .

قال الشافعي : " وقال الله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ". .

وذكر حديث بريدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : في الدعاء إلى [ ص: 52 ] الإسلام ؛ وقوله : " فإن [لم ] يجيبوا إلى الإسلام : فادعهم إلى أن يعطوا الجزية ؛ فإن فعلوا : فاقبل منهم ودعهم ؛ [وإن أبوا : فاستعن بالله وقاتلهم ] ". .

ثم قال : " وليست واحدة - : من الآيتين . - : ناسخة للأخرى ؛ ولا واحد - : من الحديثين . - : ناسخا للآخر ، ولا مخالفا له . ولكن إحدى الآيتين والحديثين : من الكلام الذي مخرجه عام : يراد به الخاص ؛ ومن الجمل التي يدل عليها المفسر ".

" فأمر الله (تعالى ) : بقتال المشركين حتى يؤمنوا (والله أعلم ) : أمره بقتال المشركين : من أهل الأوثان . وكذلك حديث أبي هريرة : [ ص: 53 ] [في المشركين من أهل الأوثان ] دون أهل الكتاب . وفرض الله : قتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون - : إن لم يؤمنوا . وكذلك حديث بريدة : [في أهل الأوثان خاصة ] "

" فالفرض فيمن دان وآباؤه دين أهل الأوثان - : من المشركين . - : أن يقاتلوا : إذ قدر عليهم ؛ حتى يسلموا . ولا يحل : أن يقبل منهم جزية ؛ [بكتاب الله ، وسنة نبيه ] ".

والفرض في أهل الكتاب ، ومن دان قبل نزول القرآن [كله ] دينهم - : أن يقاتلوا حتى يعطوا الجزية ، أو يسلموا . وسواء كانوا عربا ، أو عجما ". .

[ ص: 54 ] قال الشافعي : " ولله (عز وجل ) كتب : نزلت قبل نزول القرآن [المعروف ] منها - عند العامة - : التوراة والإنجيل . وقد أخبر الله (عز وجل ) : أنه أنزل غيرهما ؛ فقال : ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ) . وليس يعرف تلاوة كتاب إبراهيم . وذكر زبور داود ؛ فقال : ( وإنه لفي زبر الأولين ) ".

" قال : والمجوس : أهل كتاب : غير التوراة والإنجيل ؛ وقد نسوا كتابهم وبدلوه . وأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : في أخذ الجزية منهم ". .

[ ص: 55 ] قال الشافعي : " ودان قوم - : من العرب . - دين أهل الكتاب ، قبل نزول القرآن : فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من بعضهم ، الجزية " ؛ وسمى منهم - [في موضع ] آخر - : " أكيدر دومة ؛ وهو رجل يقال : من غسان أو كندة ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية