الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنبأني ) أبو عبد الله (إجازة ) : أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " قال الله - جل ثناؤه - : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن [ ص: 248 ] ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ) الآية " .

" قال الشافعي (رحمه الله ) : فكان بينا في الآية - بالتنزيل - : أنه لا يحل للمطلقة : أن تكتم ما في رحمها : من المحيض . فقد يحدث له - عند خوفه انقضاء عدتها - رأي في نكاحها أو يكون طلاقه إياها : أدبا [لها ] " .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " وكان ذلك يحتمل : الحمل مع المحيض ؛ لأن الحمل : مما خلق الله في أرحامهن " .

" فإذا سأل الرجل امرأته المطلقة : أحامل هي ؟ أو هل حاضت ؟ - : [ ص: 249 ] فهي عندي ، لا يحل لها : أن تكتمه ، ولا أحدا رأت أن يعلمه " .

" [وإن لم يسألها ، ولا أحد يعلمه إياه ] : فأحب إلي : لو أخبرته به " .

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " ولو كتمته بعد المسألة ، [الحمل ، والأقراء ] حتى خلت عدتها - : كانت عندي ، آثمة بالكتمان : [ إذ سئلت ، وكتمت ] - وخفت عليها الإثم : إذا كتمت ، وإن لم تسأل . - ، ولم يكن [له ] عليها رجعة : لأن الله (عز وجل ) إنما جعلها له حتى تنقضي عدتها " .

وروى الشافعي (رحمه الله ) - في ذلك - قول عطاء ، ومجاهد، وهو منقول في كتاب (المبسوط ) و(المعرفة ) .

* * *

[ ص: 250 ] وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " سمعت من أرضى - : من أهل العلم - يقول : إن أول ما أنزل الله (عز وجل ) - : من العدد . - : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ، فلم يعلموا : ما عدة المرأة [التي ] لا قرء لها ؟ وهي : التي لا تحيض ، والحامل . فأنزل الله - عز وجل - : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) ، فجعل عدة المؤيسة ، والتي لم تحض : ثلاثة أشهر ] ، وقوله : ( إن ارتبتم ) : فلم تدروا : ما تعتد غير ذوات الأقراء ؟ - ، وقال : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) " .

[ ص: 251 ] " قال الشافعي : وهذا (والله أعلم ) يشبه ما قالوا " .

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) " .

" وكان بينا في حكم الله (عز وجل ) : أن لا عدة على المطلقة قبل أن تمس ، وأن المسيس [هو ] الإصابة . [ولم أعلم خلافا في هذا ] " .

وذكر الآيات في العدة ، ثم قال : " فكان بينا في حكم الله (عز وجل ) من يوم يقع الطلاق ، وتكون الوفاة " .

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " قال الله - عز وجل - : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول ) [ ص: 252 ] ( غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف ) " .

" قال الشافعي : حفظت عن غير واحد - : من أهل العلم بالقرآن . - : أن هذه الآية نزلت قبل نزول آية المواريث ، وأنها منسوخة " .

" وكان بعضهم ، يذهب : إلى أنها نزلت مع الوصية للوالدين ، والأقربين ، وأن وصية المرأة محدودة بمتاع سنة - وذلك : نفقتها ، وكسوتها ، وسكنها . - ، وأن قد حظر على أهل زوجها إخراجها ، ولم يحظر عليها أن تخرج " .

" قال : وكان مذهبهم : أن الوصية لها : بالمتاع إلى الحول ، والسكنى منسوخة " . يعني : بآية المواريث .

[ ص: 253 ] " و [بين ] : أن الله (عز وجل ) أثبت عليها عدة : أربعة أشهر [ ص: 254 ] وعشرا ليس لها الخيار في الخروج منها ، ولا النكاح قبلها . إلا : أن تكون حاملا فيكون أجلها : أن تضع حملها : [بعد أو قرب . ويسقط بوضع حملها : عدة أربعة أشهر وعشر ] " .

وله - في سكنى المتوفى عنها - قول آخر : " أن الاختيار لورثته : أن يسكنوها ، وإن لم يفعلوا : فقد ملكوا المال دونه " . وقد رويناه عن عطاء ، ورواه [ الشافعي عن ] الشعبي [عن علي ] .

[ ص: 255 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية