الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( وما كان لمؤمن أن [ ص: 282 ] يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " . )

" فأحكم الله (جل ثناؤه ) - في تنزيل كتابه - : [أن ] على قاتل المؤمن ، دية مسلمة إلى أهله . وأبان على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : كم الدية ؟ " .

" وكان نقل عدد : من أهل العلم عن عدد لا تنازع بينهم - : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قضى في دية المسلم : مائة من الإبل . وكان هذا : أقوى من نقل الخاصة ، وقد روي من طريق الخاصة [وبه نأخذ ؛ ففي المسلم يقتل خطأ : مائة من الإبل ] " .

قال الشافعي - فيما يلزم العراقيين في قولهم في الدية : إنها على أهل [ ص: 283 ] الورق : عشرة آلاف درهم . - : " قد روي عن عكرمة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) : أنه قضى بالدية : اثني عشر ألف درهم . وزعم عكرمة : أنه نزل فيه : ( وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ) " .

قال الشيخ : حديث عكرمة هذا : رواه ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة : مرة مرسلا ، ومرة موصولا : بذكر ابن عباس فيه . ورواه محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : موصولا .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي : " أمر الله (تبارك وتعالى ) [ ص: 284 ] - في المعاهد : يقتل خطأ . - : بدية مسلمة إلى أهله . ودلت سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : على أن لا يقتل مؤمن بكافر مع ما فرق الله بين المؤمنين والكافرين " .

" فلم يجز : أن يحكم على قاتل الكافر ، [إلا ] : بدية ، ولا : أن ينقص منها ، إلا : بخبر لازم " .

" وقضى عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان (رضي الله عنهما ) - في دية اليهودي ، والنصراني - : بثلث دية المسلم ، وقضى عمر (رضي الله عنه ) - في دية المجوسي - : بثمانمائة درهم [وذلك : ثلثا عشر دية المسلم ؛ لأنه كان يقول : تقوم الدية : اثني عشر ألف درهم ] " .

" ولم نعلم أن أحدا قال في دياتهم : بأقل من هذا . وقد قيل : إن [ ص: 285 ] دياتهم أكثر من هذا . فألزمنا قاتل كل واحد - : من هؤلاء . - : الأقل مما اجتمع عليه " .

وأطال الكلام فيه ، وناقضهم : بالمؤمنة الحرة ، والجنين ، وبالعبد - : وقد تكون قيمته : عشرة دراهم . - : يجب في قتل كل واحد منهم : تحرير رقبة مؤمنة ، ولم يسو بينهم : في الدية .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية