الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " قال الله تبارك وتعالى : ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ) الآية ؛ وقال : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) ؛ يعني (والله أعلم ) : طيبات : كانت أحلت لهم . وقال تعالى : ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ) . [ ص: 96 ]

قال الشافعي (رحمه الله ) : الحوايا : ما حوى الطعام والشراب ، في البطن " .

" فلم يزل ما حرم الله (عز وجل ) على بني إسرائيل - : اليهود خاصة ، وغيرهم عامة . - محرما : من حين حرمه ، حتى بعث الله (تبارك وتعالى ) محمدا (صلى الله عليه وسلم ) : ففرض الإيمان به ، وأمر : باتباع نبي الله (صلى الله عليه وسلم ) وطاعة أمره : وأعلم خلقه : أن طاعته : طاعته ؛ وأن دينه : الإسلام الذي نسخ به كل دين كان قبله ؛ وجعل من أدركه وعلم دينه - : فلم يتبعه . - : كافرا به . فقال : ( إن الدين عند الله الإسلام ) ".

" وأنزل في أهل الكتاب - : من المشركين . - : [ ص: 97 ] ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ) الآية ، إلى : ( مسلمون ) ؛ وأمر : بقتالهم حتى يعطوا الجزية : إن لم يسلموا ؛ وأنزل فيهم : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) الآية . فقيل (والله أعلم ) : أوزارهم ، وما منعوا - : بما أحدثوا . - قبل ما شرع : من دين محمد صلى الله عليه وسلم ".

" فلم يبق خلق يعقل - : منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم . - : كتابي ، ولا وثني ، ولا حي بروح - : من جن ، ولا إنس . - : بلغته دعوة محمد (صلى الله عليه وسلم ) ؛ إلا قامت عليه حجة الله : باتباع دينه ؛ وكان مؤمنا : باتباعه ؛ وكافرا : بترك اتباعه ".

[ ص: 98 ] " ولزم كل امرئ منهم - : آمن به ، أو كفر . - تحريم ما حرم الله (عز وجل ) على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم - : كان مباحا قبله في شيء : من الملل ؛ أو غير مباح . - وإحلال ما أحل على لسان محمد (صلى الله عليه وسلم ) : كان حراما في شيء : من الملل ؛ [أو غير حرام ] ".

" وأحل الله (عز وجل ) : طعام أهل الكتاب ؛ وقد وصف ذبائحهم ، ولم يستثن منها شيئا ".

" فلا يجوز أن تحرم ذبيحة كتابي ؛ وفي الذبيحة حرام - على كل مسلم - : مما كان حرم على أهل الكتاب ، قبل محمد [ ص: 99 ] (صلى الله عليه وسلم ) . ولا يجوز : أن يبقى شيء : من شحم البقر والغنم . وكذلك : لو ذبحها كتابي لنفسه ، وأباحها لمسلم - : لم يحرم على مسلم : من شحم بقر ولا غنم منها ، شيء " .

" ولا يجوز : أن يكون شيء حلالا - : من جهة الذكاة . - لأحد ، حراما على غيره . لأن الله (عز وجل ) أباح ما ذكر : عامة لا : خاصة ".

" وهل يحرم على أهل الكتاب ، ما حرم عليهم [قبل محمد صلى الله عليه وسلم ] - : من هذه الشحوم وغيرها . - : إذا لم يتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم . ؟ "

" قال الشافعي : قد قيل : ذلك كله محرم عليهم ، حتى يؤمنوا ".

[ ص: 100 ] " ولا ينبغي : أن يكون محرما عليهم : وقد نسخ ما خالف دين محمد (صلى الله عليه وسلم ) : بدينه . كما لا يجوز - : إذا كانت الخمر حلالا لهم . - إلا : أن تكون محرمة عليهم - : إذ حرمت على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . - : وإن لم يدخلوا في دينه ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية