الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال : " قال الله - عز وجل - : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة ) الآية " .

" قال الشافعي (رحمه الله ) : سمعت من أرضى - : [من ] أهل العلم [ ص: 234 ] بالقرآن . - يذكر : أن أهل الجاهلية [كانوا ] يطلقون بثلاث : الظهار ، والإيلاء ، والطلاق . فأقر الله (عز وجل ) الطلاق : طلاقا ، وحكم في الإيلاء : بأن أمهل المولي أربعة أشهر ، ثم جعل عليه : أن يفيء أو يطلق ، وحكم في الظهار : بالكفارة ، و[أن ] لا يقع به طلاق " .

قال الشافعي " والذي حفظت - مما سمعت في : ( يعودون لما قالوا ) . - : أن المتظاهر حرم [مس ] امرأته بالظهار ، فإذا أتت عليه مدة بعد القول بالظهار ، لم يحرمها : بالطلاق الذي يحرم به ، ولا بشيء يكون له مخرج من أن تحرم [عليه ] به - : فقد وجبت عليه كفارة الظهار " .

[ ص: 235 ] " كأنهم يذهبون : إلى أنه إذا أمسك على نفسه أنه حلال : فقد عاد لما قال : فخالفه : فأحل ما حرم " .

قال : " ولا أعلم له معنى أولى به من هذا ، ولم أعلم مخالفا : في أن عليه كفارة الظهار : وإن لم يعد بتظاهر آخر " .

فلم يجز : أن يقال ما لم أعلم مخالفا : في أنه ليس بمعنى الآية " .

قال الشافعي : " ومعنى قول الله - عز وجل - : ( من قبل أن يتماسا ) : وقت لأن يؤدي ما أوجب الله (عز وجل ) عليه : من الكفارة [فيها قبل المماسة . فإذا كانت المماسة قبل الكفارة ] ، فذهب الوقت : [ ص: 236 ] لم تبطل الكفارة ، [ولم يزد عليه فيها ] " . وجعلها قياسا على الصلاة .

قال الشافعي في قول الله - عز وجل - : ( فتحرير رقبة ) قال : " لا [يجزيه ] تحرير رقبة على غير دين الإسلام : لأن الله (عز وجل ) يقول في القتل : ( فتحرير رقبة مؤمنة ) " .

" وكان " شرط الله في رقبة القتل [إذا كانت ] كفارة ، كالدليل (والله أعلم ) : على أن لا تجزي رقبة في كفارة ، إلا مؤمنة " .

" كما شرط الله (تعالى ) العدل في الشهادة ، في موضعين ، وأطلق الشهود في ثلاثة مواضع " .

[ ص: 237 ] " فلما كانت شهادة كلها : اكتفينا بشرط الله فيما شرط فيه ؛ واستدللنا : على أن ما أطلق : من الشهادات (إن شاء الله - عز وجل - ) : على مثل معنى ما شرط " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية