الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(أنا ) أبو سعيد محمد بن موسى ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي (رحمه الله ) ، قال : " قال الله - عز وجل - : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) " .

" فكان في [هذه ] الآية : إباحة أكله : إذا طابت به نفسا ،
ودليل : على أنها إذا لم تطب به نفسا : لم يحل أكله " .

" [وقد ] قال الله - عز وجل - : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ) " .

[ ص: 217 ] " وهذه الآية : في معنى الآية التي [كتبنا ] قبلها . فإذا أراد الرجل الاستبدال بزوجته ، ولم ترد هي فرقته - : لم يكن له أن يأخذ من مالها شيئا - : بأن يستكرهها عليه - ولا أن يطلقها : لتعطيه فدية منه " . وأطال الكلام فيه .

قال الشافعي (رحمه الله ) : " قال الله - عز وجل - : ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) " .

" فقيل (والله أعلم ) : أن تكون المرأة تكره الرجل : حتى تخاف أن لا تقيم حدود الله - : بأداء ما يجب عليها له ، أو أكثره ، إليه . ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه ، أو أكثره " .

" فإذا كان هذا : حلت الفدية للزوج ، وإذا لم يقم أحدهما حدود الله : فليسا معا مقيمين حدود الله " .

[ ص: 218 ] " وقيل : و[هكذا قول الله - عز وجل - : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) ] : إذا حل ذلك للزوج : [فليس بحرام على المرأة ، والمرأة في كل حال : لا يحرم عليها ما أعطت من مالها . وإذا حل له ] ، ولم يحرم عليها : فلا جناح عليهما معا . وهذا كلام صحيح " . وأطال الكلام في شرحه ، ثم قال :

" وقيل : أن تمتنع المرأة من أداء الحق ، فتخاف على الزوج : أن لا يؤدي الحق إذا منعته حقا . فتحل الفدية " .

" وجماع ذلك : أن تكون المرأة : المانعة لبعض ما يجب عليها له ، المفتدية : تحرجا من أن لا تؤدي حقه ، أو كراهية له . فإذا كان هكذا : حلت الفدية للزوج " .

* * *

[ ص: 219 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية