الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (رحمه الله ) : " وكان بينا في الآية : منع المؤمنات المهاجرات ، من أن يرددن إلى دار الكفر ؛ وقطع العصمة - : بالإسلام . - بينهن ، وبين أزواجهن . ودلت السنة : على أن قطع العصمة : إذا انقضت عددهن ، ولم يسلم أزواجهن : من المشركين ".

" وكان بينا في الآية : أن يرد على الأزواج نفقاتهم ؛ ومعقول فيها : أن نفقاتهم التي ترد : نفقات اللاتي ملكوا عقدهن ؛ وهي : المهور ؛ إذا كانوا قد أعطوهن إياها ".

[ ص: 69 ] " وبين : أن الأزواج : الذين يعطون النفقات - : لأنهم الممنوعون من نسائهم . - وأن نساءهم : المأذون للمسلمين أن ينكحوهن : إذا آتوهن أجورهن . لأنه لا إشكال عليهم : في أن ينكحوا غير ذوات الأزواج ؛ إنما كان الإشكال : في نكاح ذوات الأزواج ؛ حتى قطع الله عصمة الأزواج : بإسلام النساء ؛ وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : أن ذلك : بمضي العدة قبل إسلام الأزواج ".

" فلا يؤدي أحد نفقة في امرأة فاتت ، إلا ذوات الأزواج ".

" قال الشافعي : قال الله (عز وجل ) للمسلمين : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) . فأبانهن من المسلمين ؛ وأبان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : أن ذلك : بمضي العدة . وكان الحكم في إسلام الزوج ، [ ص: 70 ] الحكم في إسلام المرأة : لا يختلفان ".

" وقال الله تعالى : ( واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ) . يعني (والله أعلم ) : أن أزواج المشركات : من المؤمنين ؛ إذا منعهن المشركون إتيان أزواجهن - : بالإسلام . - : أدوا ما دفع إليهن الأزواج : من المهور ؛ كما يؤدي المسلمون ما دفع أزواج المسلمات : من المهور . وجعله الله (عز وجل ) حكما بينهم ".

" ثم حكم [لهم ] - في مثل ذلك المعنى - حكما ثانيا ؛ فقال : ( وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم ) ؛ كأنه (والله أعلم ) يريد : فلم تعفوا عنهم إذا لم يعفوا عنكم مهور [ ص: 71 ] نسائكم ؛ ( فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا ) . كأنه يعني : من مهورهم ؛ إذا فاتت امرأة مشرك : أتتنا مسلمة ؛ قد أعطاها مائة في مهرها ؛ وفاتت امرأة مشركة إلى الكفار ، قد أعطاها مائة - : حسبت مائة المسلم ، بمائة المشرك . فقيل : تلك : العقوبة ".

" قال : ويكتب بذلك ، إلى أصحاب عهود المشركين : [حتى ] يعطى المشرك ما قصصناه - : من مهر امرأته . - للمسلم الذي فاتت امرأته إليهم : ليس له غير ذلك ". .

ثم بسط الكلام في التفريع : على [هذا ] القول ؛ في موضع دخول النساء في صلح النبي (صلى الله عليه وسلم ) بالحديبية .

وقال في موضع آخر : " وإنما ذهبت : إلى أن النساء كن في صلح [ ص: 72 ] الحديبية ؛ بأنه لو لم يدخل ردهن في الصلح : لم يعط أزواجهن فيهن عوضا ؛ والله أعلم ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية