الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
66 - حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي قال : حدثني أبو العباس محمد بن الحسن الطبري قال : ثنا العباس بن محمد بن عبد الله بن حفص أبو محمد الذماري ، قال : ثنا محمد بن أحمد بن معاذ بن عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس بن مالك ، قال : ثنا معاذ بن فضالة القرشي ، قال : ثنا الأصمعي ، قال : ثنا الوصافي ، عن منصور بن المعتمر ، عن قبيصة بن عمرو بن إسحاق الخزاعي ، عن العباس بن مرداس السلمي ، قال : " كان أول إسلامي أن مرداسا ، أبي ، لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال له : ضمار ، فجعلته في بيت ، وجعلت آتيه كل يوم مرة ، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمعت صوتا في جوف الليل راعني ، فوثبت إلى ضمار مستغيثا ، فإذا بالصوت في جوفه ، وهو يقول :


قل للقبيلة من سليم كلها هلك الأنيس وعاش أهل المسجد     أودى ضمار وكان يعبد مدة
قبل الكتاب إلى النبي محمد     إن الذي ورث النبوة والهدى
بعد ابن مريم من قريش مهتدي



قال : فكتمته الناس ، فلما رجع الناس من الأحزاب ، بينا أنا في إبلي بطرف العقيق من ذات عرق راقد سمعت صوتا ، فإذا برجل على جناحي نعامة ، وهو يقول : النور الذي وقع ليلة الاثنين ، وليلة الثلاثاء ، مع صاحب الناقة العضباء ، في ديار إخوان بني العنقاء [ ص: 119 ] ، فأجابه هاتف عن شماله ، وهو يقول : بشر الجن وأبلاسها ، إن وضعت المطي أحلاسها ، وكلأت السماء أحراسها .

قال : فوثبت مذعورا ، وعلمت أن محمدا مرسل ، فركبت فرسي وأجشمت السير حتى انتهيت إليه فبايعته ، ثم انصرفت إلى ضمار ، فأحرقته بالنار ، ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشدته شعرا أقول فيه :


لعمرك إني يوم أجعل جاهلا     ضمارا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول الله والأوس حوله     أولئك أنصار له ما أولئكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي     ليسلك في وعث الأمور المسالكا
فآمنت بالله الذي أنا عبده     وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا     أبايع نبي الأكرمين المباركا
نبي أتانا بعد عيسى بناطق     من الحق فيه الفصل فيه كذلكا
أمين على الفرقان أول شافع     وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلاقى عرى الإسلام بعد انتقاضها     فأحكمها حتى أقام المناسكا
عنيتك يا خير البرية كلها     توسطت في الفرعين والمجد مالكا
وأنت المصفى من قريش إذا سمت     على ضمرها تبقي القرون المباركا
إذا انتسب الحيان كعب ومالك     وجدناك محضا والنساء العواتكا

[ ص: 120 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية