الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
54 - حدثنا أبي قال ، : ثنا عبد الله بن محمد بن سليم بعبادان ، ثنا علي بن داود القنطري ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد الراسي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر بن الخطاب ، وجه إلى سعد أن وجه ، نضلة بن معاوية الأنصاري إلى حلوان العراق ليغير على ضواحيها وليفتتحها ، قال : فوجه سعد نضلة في أربعمائة فارس ، فأتوا حلوان العراق ، فأغاروا على ضواحيها ففتحوها ، فأصابوا غنيمة وسبيا ، وكان وقت الظهر ، فألجأ نضلة الغنيمة والسبي إلى سفح الجبل ، ثم قام فأذن فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، فسمع مجيبا من الجبل : " كبرت كبيرا يا نضلة ، فلما أن قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، إذا مجيب يجيبه : بذلك شهد أهل السماوات والأرض ، فلما قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، فإذا مجيب يجيبه : نبي بعث ولا نبي بعده ، فلما أن قال : حي على الصلاة ، قال : طوبى لمن مشى إليها وواظب عليها ، فلما أن قال : حي على الفلاح ، قال : قد أفلح من أجاب محمدا وهو البقاء لأمته ، فلما فرغ من أذانه قمنا ، فقلنا : من أنت رحمك [ ص: 103 ] الله ؟ قال : أنا وفد الله ووفد نبيه ووفد عمر بن الخطاب ، فانفلق عن شيخ عليه ثوبان من الصوف ، رأسه كرأس رحاء ، فقلنا : من أنت رحمك الله ؟ قال : أنا زريب بن برثملا وصي عيسى ابن مريم ، أسكنني في هذا الجبل ، ودعا لي بطول الحياة إلى حين نزوله من السماء فينزل فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويتبرأ مما عليه النصارى ، أما إذ فاتني لقاء محمد صلى الله عليه وسلم فأقرئوا عمر بن الخطاب مني السلام ، وقولوا : يا عمر ، سدد وقارب ، فقد دنا الأمر ، وأخبروه بهذه الخصال ، فإذا ظهرت في أمة محمد فالهرب الهرب ، إذا استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وانتسبوا إلى غير مناسبهم ، وانتموا إلى غير مواليهم ، ولم يرحم كبيرهم صغيرهم ، ولم يوقر صغيرهم كبيرهم ، وترك الأمر بالمعروف ولم يؤمر به ، وترك المنكر ولم ينه عنه ، وتعلم العلماء العلم ليجلبوا إليهم الدرهم والدينار ، وكان المطر قيظا ، والولد غيظا ، وطولوا المنار ، وفضضوا المصاحف ، وزخرفوا المساجد ، وشيدوا البناء ، وباعوا الدين بالدنيا ، وقطعوا الأرحام ، وباعوا الأحكام ، وخرج الرجل من بيته ، فقام إليه من هو خير منه فسلم ، وركبت الفروج السروج ، فعند ذلك قيام الساعة ، قال : ثم غاب عنا ، فكتب سعد إلى عمر بما أفاء الله عليه ، وما كان من خبر نضلة ، وكتب عمر إلى سعد : لله أبوك ، سر أنت ومن معك من المهاجرين والأنصار ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أن رجلا من أصحاب عيسى نزل ذلك الجبل ، فسار سعد في أربعة آلاف من المهاجرين والأنصار ينادي بالأذان أربعين يوما ، فلا جواب " .

التالي السابق


الخدمات العلمية