الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
156 - حدثنا حبيب بن الحسن قال : ثنا محمد بن يحيى المروزي قال : ثنا محمد بن أحمد بن أيوب قال : ثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة ، عن ابن عباس أن عتبة ، وشيبة ، وأبا سفيان بن حرب ، والنضر بن الحارث ، وأبا البختري ، والأسود بن المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام ، وعبد الله بن أمية ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، اجتمعوا ومن اجتمع منهم بعد غروب الشمس على ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : " ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه ، فبعثوا إليه : أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك ، قال : فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا ، وظن أن قد بدا لقومه في أمره بدو ، وكان عليهم حريصا ، يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم . وذكر القصة .

فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل : يا معشر قريش ، إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وسب [ ص: 206 ] آلهتنا ، وإني أعاهد الله لأجلسن غدا بحجر ما أطيق حمله - أو كما قال - فإذا سجد في صلاته رضخت رأسه ، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم ، قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبدا ، فامض لما تريد ، فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا كما قال ، وجلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره ، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يغدو ، وكان إذا صلى ، صلى بين الركنين اليماني والأسود ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، وقد قعدت قريش في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه ، حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا ، قد يبست يداه على الحجر فقذف الحجر عن يده ، وقام إليه رجال قريش وقالوا له : ما لك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة ، فلما دنوت منه عرض دونه فحل من الإبل ، والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، فهم أن يأكلني .

فذكر لي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذلك جبريل لو دنا منه لأخذه ، فلما قال ذلك أبو جهل قام النضر بن الحارث فقال : يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله قط .


التالي السابق


الخدمات العلمية