الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر خبر آخر فيما الله تعالى حج به أمر نبيه صلى الله عليه وسلم لما كلم أبا جهل أن يؤدي غريمه حقه لما تقاعد به :

161 - حدثنا حبيب بن الحسن قال : ثنا محمد بن يحيى المروزي قال : ثنا أحمد بن محمد بن أيوب قال : ثنا إبراهيم بن سعد وثنا سليمان بن أحمد قال : ثنا محمد بن أحمد البراء قال : ثنا الفضل بن غانم ثنا سلمة بن الفضل قالا عن الأعمش ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الملك بن أبي سفيان الثقفي وكان واعية قال : " قدم رجل من إراش بإبل له مكة ، فابتاعها منه أبو جهل بن [ ص: 211 ] هشام فمطله بأثمانها ، فأقبل حتى وقف على ناد من قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد ، فقال : يا معشر قريش ، من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام ، فإني رجل غريب ابن سبيل قد غلبني على حقي ، قال : فقال أهل المجلس : ترى ذلك الرجل - لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهزؤون به لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة - اذهب إليه فهو يؤديك عليه ، فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عبد الله إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله ، وأنا غريب ابن سبيل ، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه ، يأخذ لي حقي منه ، فأشاروا لي إليك ، فخذ لي حقي منه رحمك الله ، قال : انطلق إليه ، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن كان معهم : اتبعه انظر ماذا يصنع . قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا ؟ فقال : محمد فاخرج إلي ، قال : فخرج إليه وما في وجهه رائحة قد انتقع لونه ، فقال له : أعط هذا الرجل حقه ، قال : نعم لا تبرح حتى أعطيه الذي له ، قال : فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للإراشي : الحق بشأنك . قال : فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس فقال : جزاه الله خيرا فقد - والله - أخذ لي الذي لي . قال : وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقالوا : ويحك ماذا رأيت ؟ قال : رأيت عجبا من العجب ، والله إن هو إلا أن ضرب عليه بابه ، فخرج إليه وما معه روحه ، فقال : أعط هذا حقه [ ص: 212 ] قال : نعم ، لا تبرح حتى أخرج إليه حقه ، قال : فدخل ، ثم خرج إليه بحقه فأعطاه إياه ، قال : فلم يلبثوا أن جاءهم أبو جهل فقالوا له : ويلك ما لك ؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت ، فقال : ويحكم ، والله إن هو إلا أن ضرب الباب وسمعت صوته فملئت منه رعبا ، فخرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ، ما رأيت مثل هامته ، ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، والله لو أبيت لأكلني .

وفي رواية ، فقالوا لأبي جهل : فرقت من محمد كل هذا ؟ قال : والذي نفسي بيده لقد رأيت معه رجالا معهم حراب تلألأ .

قال أبو قزعة في حديثه : حرابا تلمع ولو لم أعطه لخفت أن يبعج بها بطني . [ ص: 213 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية