و "أيان" ظرف زمان مبني لتضمنه معنى الاستفهام ولا يتصرف، ويليه المبتدأ والفعل المضارع دون الماضي، بخلاف "متى" فإنها يليها النوعان. وأكثر ما تكون "أيان" استفهاما كقول الشاعر:
2352 - أيان تقضي حاجتي أيانا أما ترى لفعلها إبانا
وقد تأتي شرطية جازمة لفعلين. قال الشاعر:
2353 - أيان نؤمنك تؤمن غيرنا وإذا لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا
وقال آخر:
2354 - إذا النعجة العجفاء باتت بقفرة فأيان ما تعدل بها الريح تنزل
ومرساها يجوز أن يكون اسم مصدر وأن يكون اسم زمان، قال "مرساها" إرساؤها أو وقت إرسائها، أي: إثباتها وإقرارها. قال الشيخ" وتقديره: وقت إرسائها ليس بجيد، لأن "أيان" استفهام عن الزمان فلا يصح أن يكون خبرا عن الوقت إلا بمجاز لأنه يكون التقدير: في أي وقت وقت إرسائها". وهو كلام حسن، ويقال: رسا يرسو: ثبت، ولا يقال إلا في الشيء الثقيل نحو: رست السفينة ترسو، وأرسيتها. الزمخشري:
قوله: علمها مصدر مضاف للمفعول والظرف خبره. وقوله: "في السماوات" يجوز فيها وجهان، أحدهما: أن تكون "في" بمعنى على، أي: على أهل السماوات أو هي ثقيلة على نفس السماوات والأرض لانشقاق هذه وزلزال ذي. والثاني: أنها على بابها من الظرفية، والمعنى: حصل ثقلها وهو شدتها أو المبالغة في إخفائها في هذين الظرفين. [ ص: 531 ] قوله: كأنك حفي هذه الجملة التشبيهية في محل نصب على الحال من مفعول "يسألونك". وفي "عنها" وجهان، أحدهما: أنها متعلقة بيسألونك وكأنك حفي معترض، وصلتها محذوفة تقديره: حفي بها.
وقال في الكلام تقديم وتأخير، ولا حاجة إلى ذلك لأن هذه كلها متعلقات للفعل فإن قوله: أبو البقاء: "كأنك حفي" حال كما تقدم. والثاني أن "عن" بمعنى الباء كما أن الباء بمعنى عن كقوله: فاسأل به خبيرا ، ويوم تشقق السماء بالغمام لأن حفي لا يتعدى بـ "عن" بل بالباء كقوله: كان بي حفيا ويضمن معنى شيء يتعدى بـ "عن"، أي: كأنك كاشف بحفاوتك عنها.
والحفي: المستقصي عن الشيء، المهتبل به، المعتني بأمره قال:
2355 - سؤال حفي عن أخيه كأنه بذكرته وسنان أو متواسن
وقال آخر:
2356 - فلما التقينا بين السيف بيننا لسائلة عنا حفي سؤالها
2357 - فإن تسألي عني فيا رب سائل حفي عن الأعشى به حيث أصعدا
والإحفاء: الاستقصاء ومنه "إحفاء الشوارب" والحافي: لأنه حفيت قدمه في استقصاء السير. والحفاوة: البر واللطف.
وقرأ "حفي بها" وهي تدل لمن ادعى أن "عن" بمعنى الباء. وحفي فعيل بمعنى مفعول أي: محفو. وقيل: بمعنى فاعل أي: كأنك مبالغ في السؤال عنها ومتطلع إلى علم مجيئها. عبد الله