الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (108) وقوله تعالى: من دون الله : يجوز أن يتعلق بـ "يدعون" وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال: إما من الموصول، وإما من عائده المحذوف أي: يدعونهم حال كونهم مستقرين من دون الله. [ ص: 100 ] قوله: فيسبوا الظاهر أنه منصوب على جواب النهي بإضمار أن بعد الفاء أي: لا تسبوا آلهتهم; فقد يترتب عليه ما يكرهون من سب الله، ويجوز أن يكون مجزوما نسقا على فعل النهي قبله كقولهم "لا تمددها فتشقها" وجاز وقوع "الذين" وإن كان مختصا بالعقلاء على الأصنام التي لا تعقل معاملة لها معاملة العقلاء كما أوقع عليها "من" في قوله: كمن لا يخلق ويجوز أن يكون ذلك للتغليب لأن المعبود من دون الله عقلاء كالمسيح وعزير والملائكة وغيرهم، فغلب العاقل، ويجوز أن يراد بالذين يدعون: المشركون أي: لا تسبوا الكفرة الذين يدعون غير الله من دونه. وهو وجه واضح.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله عدوا الجمهور على فتح العين وسكون الدال وتخفيف الواو، ونصبه من ثلاثة أوجه أحدها: أنه منصوب على المصدر لأنه نوع من العامل فيه، لأن السب من جنس العدو. والثاني: أنه مفعول من أجله أي لأجل العدو، وظاهر كلام الزجاج أنه خلط القولين فجعلهما قولا واحدا، فإنه قال: "وعدوا منصوب على المصدر لأن المعنى: فتعدوا عدوا" قال: ويكون بإرادة اللام والمعنى: فيسبوا الله للظلم. والثالث: أنه منصوب على أنه واقع موقع الحال المؤكدة لأن السب لا يكون إلا عدوا. وقرأ الحسن وأبو رجاء ويعقوب وقتادة وسلام وعبد الله بن زيد "عدوا" بضم العين والدال وتشديد الواو، وهو مصدر أيضا لـ"عدا" وانتصابه على ما تقدم من ثلاثة الأوجه. وقرأ ابن كثير في رواية - وهي قراءة أهل مكة فيما نقله النحاس- [ ص: 101 ] "عدوا" بفتح العين وضم الدال وتشديد الواو بمعنى أعداء، ونصبه على الحال المؤكدة و "عدو" يجوز أن يقع خبرا عن الجمع، قال تعالى: هم العدو وقال تعالى إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا . ويقال: عدا يعدوا عدوا وعدوا وعدوانا وعداء. و "بغير علم" حال أي: يسبونه غير عالمين أي: مصاحبين للجهل; لأنه لو قدره حق قدره لما أقدموا عليه. وقوله "كذلك" نعت لمصدر محذوف أي: زينا لهؤلاء أعمالهم تزيينا مثل تزييننا لكل أمة عملهم، وقيل: تقديره: مثل تزيين عبادة الأصنام للمشركين زينا لكل أمة عملهم وهو قريب من الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية