الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (171) قوله تعالى: فوقهم : فيه وجهان: أحدهما: هو متعلق بمحذوف على أنه حال من الجبل، وهي حال مقدرة لأن حالة النتق لم تكن فوقهم، لكنه بالنتق صار فوقهم. والثاني: أنه ظرف لنتقنا. قاله الحوفي وأبو البقاء. قال الشيخ: ولا يمكن ذلك إلا أن يضمن معنى فعل يمكن أن يعمل في "فوقهم"، أي: رفعنا بالنتق الجبل فوقهم فيكون كقوله: ورفعنا فوقهم الطور .

                                                                                                                                                                                                                                      والنتق: اختلفت فيه عبارات أهل اللغة. فقال أبو عبيدة: هو قلع الشيء من موضعه والرمي به، ومنه "نتق ما في الجراب" إذا نقضه ورمى ما فيه. وامرأة ناتق ومنتاق: إذا كانت كثيرة الولادة. وفي الحديث: "عليكم بزواج الأبكار فإنهن أنتق أرحاما وأطيب أفواها وأرضى باليسير" وقيل: النتق: الجذب بشدة. ومنه "نتقت السقاء" إذا جذبته لتقتلع الزبدة من [ ص: 510 ] فمه. وقال الفراء: "هو الرفع". وقال ابن قتيبة: "الزعزعة". وبه فسر مجاهد. وقال النابغة:


                                                                                                                                                                                                                                      2331 - لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم طفحت عليك بناتق مذكار



                                                                                                                                                                                                                                      وكل هذه معان متقاربة. وقد عرفت أن "فوقهم" يجوز أن يكون منصوبا بـ "نتق" لأنه بمعنى رفع وقلع.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "كأنه ظلة" في محل نصب على الحال من "الجبل" أيضا فتتعدد الحال. وقال مكي: هي خبر مبتدأ محذوف، أي: هو كأنه ظلة. وفيه بعد.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وظنوا فيه أوجه، أحدها: أنه في محل جر نسقا على "نتقنا" المخفوض بالظرف تقديرا. والثاني: أنه حال، و "قد" مقدرة عند بعضهم، وصاحب الحال: إما الجبل، أي: كأنه ظلة في حال كونه مظنونا وقوعه بهم. ويضعف أن يكون صاحبه "هم" في "فوقهم". والثالث: أنه مستأنف فلا محل له. والظن هنا على بابه، ويجوز أن يكون بمعنى اليقين، والباء على بابها أيضا. قيل: ويجوز أن تكون بمعنى "على".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: واذكروا العامة على التخفيف أمرا من ذكر يذكر. والأعمش: "واذكروا" بتشديد الذال من الاذكار والأصل: اذتكروا والاذتكار، وتقدم تصريفه. وقرأ ابن مسعود: تذكروا من تذكر بتشديد الكاف. وقرئ: وتذكروا [ ص: 511 ] بتشديد الذال والكاف، والأصل: ولتتذكروا، فأدغمت التاء في الذال وحذفت لام الجر كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2332 - محمد تفد نفسك كل نفس      . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية