الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (48) قوله تعالى: وإذ زين : أي: اذكر وقت تزيين و "قال" يجوز أن تكون عطفا على "زين"، ويجوز أن تكون الواو للحال، و "قد" مضمرة بعد الواو عند من يشترط ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: لا غالب لكم "لكم" خبر "لا" فيتعلق بمحذوف و "اليوم" منصوب بما تعلق به الخبر. ولا يجوز أن يكون "لكم" أو الظرف متعلقا بـ "غالب" لأنه يكون مطولا، ومتى كان مطولا أعرب نصبا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من الناس بيان لجنس الغالب. وقيل: هو حال من الضمير في "لكم" لتضمنه معنى الاستقرار. ومنع أبو البقاء أن يكون "من الناس" حالا [ ص: 617 ] من الضمير في "غالب" قال: لأن اسم "لا" إذا عمل فيما بعده أعرب، والأمر كذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإني جار لكم يجوز في هذه الجملة أن تكون معطوفة على قوله "لا غالب لكم" فيكون قد عطف جملة منفية على أخرى منفية. ويجوز أن تكون الواو للحال. وألف "جار" من واو لقولهم "تجاوروا" وقد تقدم تحقيقه. و "لكم" متعلق بمحذوف لأنه صفة لـ "جار"، ويجوز أن يتعلق بـ "جار" لما فيه من معنى الفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      و "الريح" في قوله ريحكم كناية عن الدولة والغلبة قال:


                                                                                                                                                                                                                                      2427 - إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكونا



                                                                                                                                                                                                                                      ورواه أبو عبيد "ركودا". وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2428 - أتنظران قليلا ريث غفلتهم     أم تعدوان فإن الريح للعادي



                                                                                                                                                                                                                                      وقال:


                                                                                                                                                                                                                                      2429 - قد عودتهم ظباهم أن يكون لهم     ريح القتال وأسلاب الذين لقوا



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الريح: الهيبة، وهو قريب من الأول كقوله: [ ص: 618 ]

                                                                                                                                                                                                                                      2430 - كما حميناك يوم النعف من شطط     والفضل للقوم من ريح ومن عدد



                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "نكص" جواب "لما" والنكوص: قال النضر بن شميل: "الرجوع قهقرى هاربا". قال بعضهم: هذا أصله، إلا أنه قد اتسع فيه حتى استعمل في كل رجوع وإن لم يكن قهقرى قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      2431 - هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا     لا ينكصون إذا ما استلحموا لحموا



                                                                                                                                                                                                                                      وقال المؤرج: "النكوص": الرجوع بلغة سليم، وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      2432 - ليس النكوص على الأعقاب مكرمة     إن المكارم إقدام على الأسل



                                                                                                                                                                                                                                      فهذا إنما يريد به مطلق الرجوع لأنه كناية عن الفرار، وفيه نظر; لأن غالب الفرار في القتال إنما هو كما ذكر رجوع القهقرى. و "على عقبيه" حال: إما مؤكدة عند من يخصه بالقهقرى، أو مؤسسة عند من يستعمله في مطلق الرجوع.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية