الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (34) قوله تعالى: ألا يعذبهم : في "أن" وجهان، أحدهما: [ ص: 599 ] وهو الظاهر أنها مصدرية، وموضعها: إما نصب أو جر لأنها على حذف حرف الجر; إذ التقدير: في أن لا يعذبهم. وهذا الجار متعلق بما تعلق به "لهم" من الاستقرار. والتقدير: أي شيء استقر لهم في عدم تعذيب الله إياهم، بمعنى لا حظ لهم في انتفاء العذاب. والثاني: أنها زائدة وهو قول الأخفش. قال النحاس: لو كانت كما قال لرفع "يعذبهم". يعني النحاس فكان ينبغي أن يرتفع الفعل على أنه واقع موقع الحال كقوله: وما لنا لا نؤمن بالله ، ولكن لا يلزم من الزيادة عدم العمل، ألا ترى أن "من" والباء تعملان وهما مزيدتان. وقال أبو البقاء: "وقيل: هو حال وهو بعيد; لأن "أن" تخلص الفعل للاستقبال". والظاهر أن "ما" في قوله "وما لهم" استئنافية، وهو استفهام معناه التقرير أي: كيف لا يعذبون وهم متصفون بهذه الحال؟ وقيل: "ما" نافية فهي إخبار بذلك أي ليس عدم التعذيب، أي: لا ينتفي عنهم التعذيب مع تلبسهم بهذه الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وما كانوا أولياءه في هذه الجملة وجهان أحدهما: أنها استئنافية، والهاء تعود على المسجد أي: وما كانوا أولياء المسجد. والثاني: أنها نسق على الجملة الحالية قبلها وهي "وهم يصدون" والمعنى: كيف لا يعذبهم الله وهم متصفون بهذين الوصفين: صدهم عن المسجد الحرام وانتفاء كونهم أولياءه؟ ويجوز أن يعود الضمير على الله تعالى، أي: لم يكونوا أولياء الله. [ ص: 600 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية