الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (133) قوله تعالى: الطوفان : فيه قولان أحدهما: أنه جمع طوفانة، أي: هو اسم جنس كقمح وقمحة وشعير وشعيرة. وقيل: بل هو مصدر كالنقصان والرجحان، وهذا قول المبرد في آخرين، والأول هو قول [ ص: 433 ] الأخفش قال: هو فعلان من الطواف، لأنه يطوف حتى يعم، وواحدته في القياس طوفانة، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      2279 - غير الجدة من آياتها خرق الريح وطوفان المطر



                                                                                                                                                                                                                                      والطوفان: الماء الكثير قاله الليث، وأنشد للعجاج:


                                                                                                                                                                                                                                      2280 - وعم طوفان الظلام الأثأبا     شبه ظلام الليل بالماء الذي يغشى الأمكنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو النجم:


                                                                                                                                                                                                                                      2281 - ومد طوفان مبيد مددا     شهرا شآبيب وشهرا بردا



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الطوفان من كل شيء ما كان كثيرا محيطا مطبقا بالجماعة من كل جهة كالماء الكثير والقتل الذريع والموت الجارف، قاله أبو إسحاق. وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالموت تارة وبأمر من الله تارة، وتلا قوله تعالى: فطاف عليها طائف من ربك . وهذه المادة وإن كانت قد تقدمت في "طائفة" إلا أن لهذه البنية خصوصية بهذه المعاني المذكورة. [ ص: 434 ] قوله: والجراد جمع جرادة، الذكر والأنثى فيه سواء. يقال: جرادة ذكر وجرادة أنثى كنملة وحمامة. قال أهل اللغة: وهو مشتق من الجرد، قالوا: والاشتقاق في أسماء الأجناس قليل جدا يقال: أرض جرداء أي: ملساء، وثوب جرد: إذا ذهب زئبره.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والقمل قيل هي: القردان وقيل: دواب تشبهها أصغر منها. وقيل: هي السوس الذي يخرج من الحنطة. وقيل: نوع من الجراد أصغر منه. وقيل: الحمنان الواحدة حمنانة نوع من القردان. وقيل: هو القمل المعروف الذي يكون في بدن الإنسان وثيابه. ويؤيد هذا قراءة الحسن "والقمل" بفتح القاف وسكون الميم فيكون فيه لغتان: القمل كقراءة العامة، والقمل كقراءة الحسن البصري. وقيل: القمل: البراغيث. وقيل: الجعلان.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والضفادع : جمع ضفدع بزنة درهم، ويجوز كسر داله فيصير بزنة زبرج وقد تبدل عين جمعه ياء كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2282 - ومنهل ليس له حوازق     ولضفادي جمه نقانق



                                                                                                                                                                                                                                      وشذ جمعه أيضا على ضفدعان، والضفدع مؤنث وليس بمذكر. فعلى هذا يفرق بين مذكره ومؤنثه بالوصف. فيقال: ضفدع ذكر وضفدع أنثى، كما قلنا ذلك في المتلبس بتاء التأنيث نحو حمامة وجرادة ونملة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: آيات منصوب على الحال من تلك الأشياء المتقدمة أي: أرسلنا عليهم هذه الأشياء حال كونها علامات مميزا بعضها من بعض. [ ص: 435 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية