الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (160) قوله تعالى: فله عشر أمثالها : إنما ذكر العدد والمعدود مذكر لأوجه منها: أن الإضافة لها تأثير كما تقدم غير مرة فاكتسب المذكر من المؤنث التأنيث فأعطي حكم المؤنث من سقوط التاء من عدده; ولذلك يؤنث فعله حالة إضافته لمؤنث نحو: " تلتقطه بعض السيارة " ، وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2132 - . . . . . . . . . . . . . . . . كما شرقت صدر القناة. . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2133 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     تسفهت أعاليها مر الرياح . . .



                                                                                                                                                                                                                                      إلى غير ذلك مما تقدم تحقيقه. ومنها: أن هذا المذكر عبارة عن مؤنث، فروعي المراد دون اللفظ وعليه قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2134 - وإن كلابا هذه عشر أبطن     وأنت بريء من قبائلها العشر

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 237 ] لم يلحق التاء في عدد أبطن وهي مذكرة لأنها عبارة عن مؤنث وهي القبائل فكأنه قيل: وإن كلابا هذه عشر قبائل، ومثله قول عمر ابن أبي ربيعة:


                                                                                                                                                                                                                                      2135 - وكان مجني دون من كنت أتقي     ثلاث شخوص كاعبان ومعصر



                                                                                                                                                                                                                                      لم يلحق التاء في عدد "شخوص" وهي مذكرة لما كانت عبارة عن النسوة، وهذا أحسن مما قبله للتصريح بالمؤنث في قوله: كاعبان ومعصر، وهذا كما أنه إذا أريد بلفظ مؤنث معنى مذكر فإنهم ينظرون إلى المراد دون اللفظ فيلحقون التاء في عدد المؤنث، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      2136 - ثلاثة أنفس وثلاث ذود     لقد جار الزمان على عيالي



                                                                                                                                                                                                                                      فألحق التاء في عدد "أنفس" وهي مؤنثة لأنها يراد بها ذكور، ومثله: اثنتي عشرة أسباطا في أحد الوجهين وسيأتي إن شاء الله في موضعه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: أنه راعى الموصوف المحذوف والتقدير: فله عشر حسنات أمثالها، ثم حذف الموصوف وأقام صفته مقامه تاركا العدد على حاله، ومثله "مررت بثلاثة نسابات" ألحقت التاء في عدد المؤنث مراعاة للموصوف المحذوف، إذ الأصل: بثلاثة رجال نسابات. وقال أبو علي: اجتمع هاهنا أمران كل منهما يوجب التأنيث، فلما اجتمعا قوي التأنيث، أحدهما: أن الأمثال في المعنى "حسنات" فجاز التأنيث كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2137 - . . . . . . . . . . . . . . . . . .     ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 238 ] أراد بالشخوص النساء، الآخر: أن المضاف إلى المؤنث قد يؤنث وإن كان مذكرا كقول من قال:" قطعت بعض أصابعه" يلتقطه بعض السيارة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ يعقوب والحسن وسعيد بن جبير والأعمش وعيسى بن عمر بالتنوين "أمثالها" بالرفع صفة لعشر أي: فله عشر حسنات أمثال تلك الحسنة، وهذه القراءة سالمة من تلك التآويل المذكورة في القراءة المشهورة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية