الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (80) قوله تعالى: ولوطا : فيه وجهان أحدهما: أنه منصوب بـ أرسلنا الأول، و "إذا" ظرف للإرسال. والثاني: أنه منصوب بإضمار "اذكر". وفي العامل في الظرف حينئذ وجهان، أحدهما: وهو قول الزمخشري أنه بدل من "لوطا" قال: "بمعنى: واذكر وقت إذ قال لقومه"، وهذا على تسليم تصرف "إذ". والثاني: أن العامل فيها مقدر تقديره: واذكر رسالة لوط إذ قال. فإذ منصوب برسالة. قاله أبو البقاء، والبدل حينئذ بدل اشتمال.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ما سبقكم بها من أحد في هذه الجملة وجهان، أحدهما: أنها مستأنفة لا محل لها من الإعراب. وعلى الاستئناف يحتمل أن تكون جوابا لسؤال وأن لا تكون. قال الزمخشري: "فإن قلت: ما موضع هذه الجملة؟ قلت: لا محل لها لأنها مستأنفة، أنكر عليهم أولا بقوله: أتأتون الفاحشة ثم [ ص: 371 ] وبخهم عليها فقال: أنتم أول من عملها. أو تكون جوابا لسؤال مقدر، كأنهم قالوا: لم لا تأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به".

                                                                                                                                                                                                                                      والباء في " بها " فيها وجهان، أظهرهما: أنها حالية أي: ما سبقكم أحد مصاحبا لها أي: ملتبسا بها. والثاني: أنها للتعدية. قال الزمخشري: الباء للتعدية من قولك: "سبقته بالكرة" إذا ضربتها قبله. ومنه قوله عليه السلام: "سبقك بها عكاشة". قال الشيخ: والتعدية هنا قلقة جدا; لأن الباء المعدية في الفعل المتعدي لواحد [هي] بجعل المفعول الأول يفعل ذلك الفعل بما دخلت عليه الباء فهي كالهمزة، وبيان ذلك أنك إذا قلت: "صككت الحجر بالحجر" كان معناه: أصككت الحجر أي: جعلت الحجر يصك الحجر، فكذلك: دفعت زيدا بعمرو عن خالد، معناه: أدفعت زيدا عمرا عن خالد أي: جعلت زيدا يدفع عمرا عن خالد، فللمفعول الأول تأثير في الثاني، ولا يصح هذا المعنى هنا إذ لا يصح أن يقدر: أسبقت زيدا الكرة أي: جعلت زيدا يسبق الكرة إلا بمجاز متكلف، وهو أن تجعل ضربك للكرة أول جعل ضربة قد سبقها أي تقدمها في الزمان فلم يجتمعا. و "من" الأولى لتأكيد الاستغراق والثانية للتبعيض.

                                                                                                                                                                                                                                      الوجه الثاني من وجهي الجملة: أنها حال، وفي صاحبها وجهان أحدهما: هو الفاعل أي: أتأتون مبتدئين بها. والثاني: هو المفعول أي: أتأتونها مبتدأ بها غير مسبوقة من غيركم. [ ص: 372 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية