الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (131) قوله تعالى: فإذا جاءتهم الحسنة : أتى في جانب الحسنة بـ "إذا" التي للمحقق. وعرفت الحسنة لسعة رحمة الله تعالى، ولأنها [ ص: 428 ] أمر محبوب، كل أحد يتمناه، وأتى في جانب السيئة بـ "إن" التي للمشكوك فيه، ونكرت السيئة لأنه أمر كل أحد يحذره. وقد أوضح الزمخشري ذلك فقال: فإن قلت: كيف قيل فإذا جاءتهم الحسنة بـ "إذا "وتعريف الحسنة، و وإن تصبهم سيئة بـ "إن" وتنكير السيئة؟ قلت: لأن جنس وقوعه كالواجب واتساعه، وأما السيئة فلا تقع إلا في الندرة ولا يقع إلا شيء منها. انتهى. وهذا من محاسن علم البيان.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: يطيروا الأصل: يتطيروا فأدغمت التاء في الطاء لمقاربتها لها. وقرأ عيسى بن عمر وطلحة بن مصرف: "تطيروا" بتاء من فوق على أنه فعل ماض وهو عند سيبويه وأتباعه ضرورة، إذ لا يقع فعل الشرط مضارعا والجزاء ماضيا إلا ضرورة كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2270 - من يكدني بسيئ كنت منه كالشجا بين حلقه والوريد



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2271 - وإن يروا سبة طاروا بها فرحا     مني وما سمعوا من صالح دفنوا



                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم الخلاف في ذلك فأغنى عن إعادته.

                                                                                                                                                                                                                                      والتطير: التشاؤم وأصله أن يفرق المال ويطير بين القوم، فيطير لكل [ ص: 429 ] أحد حظه وما يخصه، ثم أطلق على الحظ والنصيب السيئ بالغلبة، وأنشدوا للبيد:


                                                                                                                                                                                                                                      2272 - تطير عدائد الأشراك شفعا     ووترا والزعامة للغلام



                                                                                                                                                                                                                                      الأشراك: جمع شرك وهو النصيب، أي: طار المال المقسوم شفعا للذكر ووترا للأنثى. والزعامة: أي: الرئاسة للذكر، فهذا معناه تفرق، وصار لكل أحد نصيبه، وليس من الشؤم في شيء، ثم غلب على ما ذكرت لك. ومعنى طائرهم عند الله أي: حظهم وما طار لهم في القضاء والقدر، أو شؤمهم، أي: سبب شؤمهم عند الله وهو ما ينزله بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية