الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (73) قوله تعالى: وإلى ثمود : ثمود اسم رجل وهو ثمود بن جاثر بن إرم بن سام وهو أخو جديس، فثمود وجديس أخوان ثم سميت به هذه القبيلة، والأكثر منعه اعتبارا بما ذكرته، ومنهم من جعله اسما للحي فصرفه وهي قراءة الأعمش ويحيى بن وثاب في جميع القرآن، وسيأتي لك خلاف بين القراء السبعة في سورة هود وغيرها. وقيل: سموا ثمود لقلة مائهم، والثمد الماء القليل. قال النابغة:


                                                                                                                                                                                                                                      2229 - واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام شراع وارد الثمد



                                                                                                                                                                                                                                      وصالح اسم عربي وهو صالح بن آسف. وقيل: ابن عبيد بن آسف بن كاشح بن أروم بن ثمود بن جاثر. [ ص: 362 ] قوله: قد جاءتكم بينة قد كثر إيلاء هذه اللفظة العوامل، فهي جارية مجرى الأبطح والأبرق في عدم ذكر موصوفها. وقوله: "من ربكم" يحتمل أن تتعلق بجاءتكم و "من" لابتداء الغاية مجازا، وأن تتعلق بمحذوف لأنها صفة بينة. ولا بد من حذف مضاف أي: من بينات ربكم ليتصادق الموصوف وصفته. وقوله: "آية" نصب على الحال لأنها بمعنى العلامة. والعامل فيها: إما معنى التنبيه، وإما معنى الإشارة كأنه قال: أنبهكم عليها أو أشير إليها في هذه الحال. ويجوز أن يكون العامل مضمرا تقديره: انظروا إليها في هذه الحال، والجملة لا محل لها لأنها كالجواب لسؤال مقدر كأنهم قالوا: أين آيتك؟ فقال: هذه ناقة الله، وأضافها إلى الله تشريفا كبيت الله وروح الله، وذلك لأنها لم تتوالد بين جمل وناقة بل خرجت من صلد كما هو المشهور.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله لكم أي: أعني لكم، وخصوا بذلك لأنهم هم السائلوها أو المنتفعون بها من بين سائر الناس لو أطاعوا. ويحتمل أن تكون "هذه ناقة الله" مفسرة لقوله "بينة" لأن البينة تستدعي شيئا يتبين به المدعى، فتكون الجملة في محل رفع على البدل، وجاز إبدال جملة من مفرد لأنها في قوته.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: في أرض الله الظاهر تعلقه بـ "تأكل" وقيل: يجوز تعلقه بقوله "فذروها" ، وعلى هذا فتكون المسألة من التنازع وإعمال الثاني، ولو أعمل الأول لأضمر في الثاني فقال: تأكل فيها في أرض الله. وانجزم "تأكل" جوابا للأمر. وقد تقدم الخلاف في جازمه: هل هو نفس الجملة الطلبية أو أداة مقدرة؟ وقرأ أبو جعفر "تأكل" برفع الفعل على أنه حال، وهو نظير فهب لي من لدنك وليا يرثني رفعا وجزما. [ ص: 363 ] وقوله بسوء : الظاهر أن الباء للتعدية أي: لا توقعوا عليها سوءا و لا تلصقوه بها. ويجوز أن تكون للمصاحبة: لا تمسوها حال مصاحبتكم للسوء. وقوله "فيأخذكم" نصب على جواب النهي أي: لا تجمعوا بين المس بالسوء وبين أخذ العذاب إياكم، وهم وإن لم يكن أخذ العذاب لهم من صنعهم إلا أنهم تعاطوا أسبابه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية