الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (32) قوله تعالى: هو الحق : العامة على نصب "الحق" وهو خبر الكون و "هو" فصل، وقد تقدم الكلام عليه مشبعا. وقال الأخفش: "هو" زائد، ومراده ما تقدم من كونه فصلا. وقرأ الأعمش وزيد بن علي برفع "الحق"، ووجهها ظاهر برفع "هو" بالابتداء و "الحق" خبره، والجملة خبر الكون كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2409 - تحن إلى ليلى وأنت تركتها وكنت عليها بالملا أنت أقدر



                                                                                                                                                                                                                                      وهي لغة تميم. وقال ابن عطية: ويجوز في العربية رفع "الحق" [ ص: 597 ] على خبر "هو" والجملة خبر لـ "كان". وقال الزجاج: "ولا أعلم أحدا قرأ بهذا الجائز". قلت: قد ظهر من قرأ به وهما رجلان جليلان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: من عندك حال من معنى الحق أي: الثابت حال كونه من عندك. وقوله من السماء فيه وجهان أحدهما: أنه متعلق بالفعل قبله. والثاني: أنه صفة لحجارة فيتعلق بمحذوف. وقولهم "من السماء" مع أن المطر لا يكون إلا منها، قال الزمخشري: كأنه أراد أن يقال: فأمطر علينا السجيل، فوضع "حجارة من السماء" موضعه، كما يقال: "صب عليه مسرودة من حديد" تريد: "درعا"، قال الشيخ: "إنه يريد بذلك التأكيد"، قال: كما أن قوله "من حديد" معناه التأكيد; لأن المسرود لا يكون إلا من حديد كما أن الأمطار لا تكون إلا من السماء. وقال ابن عطية: "قولهم من السماء مبالغة وإغراق". قال الشيخ: "والذي يظهر أن حكمة قولهم من السماء هي مقابلتهم مجيء الأمطار من الجهة التي ذكر عليه السلام أنه يأتيه الوحي من جهتها أي: إنك تذكر أن الوحي يأتيك من السماء فأتنا بالعذاب من الجهة التي يأتيك الوحي منها قالوه استبعادا له".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية