قوله كما أنشأكم فيه وجهان أحدهما: أنه مصدر على غير الصدر [ ص: 157 ] لقوله "ويستخلف" ، لأن معنى يستخلف ينشئ. والثاني: أنها نعت مصدر محذوف تقديره: استخلافا مثل ما أنشأكم. وقوله من ذرية متعلق بأنشأكم. وفي "من" هذه أوجه أحدها: أنها لابتداء الغاية أي: ابتدأ إنشاءكم من ذرية قوم. والثاني: أنها تبعيضية قاله ابن عطية. الثالث: بمعنى البدل، قال الطبري وتبعه مكي بن أبي طالب: هي كقولك: "أخذت من ثوبي درهما" أي: بدله وعوضه، وكون "من" بمعنى البدل قليل أو ممتنع، وما ورد منه مؤول كقوله تعالى: لجعلنا منكم ملائكة وقوله:
2060 - جارية لم تأكل المرققا ولم تذق من البقول الفستقا
أي: بدلكم وبدل البقول، والمعنى: من أولاد قوم متقدمين أصلهم آدم. وقال الزمخشري: "من أولاد قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم وهم أهل سفينة نوح". وقرأ أبي بن كعب "ذرية" بفتح الذال، وأبان بن عثمان "ذرية" بتخفيف الراء مكسورة، ويروى عنه أيضا "ذرية" بوزن ضربة وقد تقدم تحقيق ذلك.


