الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12 - باب التحذير من طوائف يعارضون سنن النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله تعالى وشدة الإنكار على هذه الطبقة

قال محمد بن الحسين : ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء قد ثبت عند العلماء ، فعارض إنسان جاهل فقال : لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله تعالى .

قيل له : أنت رجل سوء ، وأنت ممن يحذرناك النبي صلى الله عليه وسلم ، وحذر منك العلماء .

وقيل له : يا جاهل ! إن الله أنزل فرائضه جملة ، وأمر نبيه أن يبين للناس ما نزل إليهم ، قال الله عز وجل : ( بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) .

فأقام الله تعالى نبيه عليه السلام مقام البيان عنه ، وأمر الخلق بطاعته ، ونهاهم عن معصيته ، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه ، فقال تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) .

[ ص: 411 ] ثم حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) وقال عز وجل : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .

ثم فرض على الخلق طاعته في نيف وثلاثين موضعا من كتابه تعالى .

وقيل لهذا المعارض لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جاهل ! قال الله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، أين تجد في كتاب الله - تعالى - أن الفجر ركعتان ، وأن الظهر أربع ، وأن العصر أربع ، والمغرب ثلاث ، وأن العشاء الآخرة أربع ؟ أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها ، وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ومثله الزكاة ، أين تجد في كتاب الله تعالى من مائتي درهم خمسة دراهم ؟ ومن عشرين دينارا نصف دينار ؟ ومن أربعين شاة شاة ؟ ومن خمس من الإبل شاة ، ومن جميع أحكام الزكاة ، أين تجد هذا في كتاب الله تعالى ؟ [ ص: 412 ] وكذلك جميع فرائض الله التي فرضها الله في كتابه لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

هذا قول علماء المسلمين ، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام ودخل في ملة الملحدين ، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته مثل ما بينت ، فاعلم ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية