الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
153 - أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي ، قال : حدثنا أبو الأشعث ، أحمد بن المقدام ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم ، عن سليمان بن يسار أن رجلا من بني تميم يقال له صبيغ بن عسل ، قدم المدينة ، وكانت عنده كتب ، فجعل يسأل عن متشابه القرآن ، فبلغ ذلك عمر - رضي الله عنه - ، فبعث إليه ، وقد أعد له عراجين النخل ، فلما دخل عليه جلس ، فقال له عمر : من أنت ؟ فقال : أنا عبد الله صبيغ . فقال عمر : وأنا عبد [ ص: 484 ] الله عمر ، ثم أهوى إليه ، فجعل يضربه بتلك العراجين ، فما زال يضربه حتى شجه ، فجعل الدم يسيل على وجهه فقال : " حسبك يا أمير المؤمنين ، فقد والله ذهب الذي كنت أجد في رأسي " .

قال محمد بن الحسين :

فإن قال قائل : فمن يسأل عن تفسير ( والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا ) استحق الضرب ، والتنكيل به والهجرة ؟

قيل له : لم يكن ضرب عمر - رضي الله عنه - له بسبب هذه المسألة ولكن لما تأدى إلى عمر ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه ، علم أنه مفتون ، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه ، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به . وتطلب علم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى به ، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه ، سأل عمر الله تعالى أن يمكنه منه حتى ينكل به ، وحتى : يحذر غيره ، لأنه راع يجب عليه [ ص: 485 ] تفقد رعيته في هذا وفي غيره ، فأمكنه الله تعالى منه .

وقد قال عمر - رضي الله عنه - : " سيكون أقوام يجادلونكم بمتشابه القرآن فخذوهم بالسنن ، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله تعالى " .

التالي السابق


الخدمات العلمية