الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
307 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي ، قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان ، قال : حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، قال : حدثنا نافع بن عمر القرشي ، قال : كنا عند ابن أبي مليكة ، فقال له جليس له : يا أبا محمد إن ناسا يجالسونك يزعمون أن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل ، فغضب عبد الله بن أبي مليكة ، وقال : ما رضي الله تعالى لجبريل عليه السلام حتى فضله بالثناء على محمد صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون ) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، قال ابن أبي مليكة : " أفأجعل : [ ص: 689 ] إيمان جبريل ، وميكائيل كإيمان فهدان ؟ ! لا . . ولا كرامة ولا حبا ! !

قال نافع : " قد رأيت فهدان ، كان رجلا لا يصحو من الشراب " .

قال محمد بن الحسين :

من قال هذا فقد أعظم الفرية على الله تعالى وأتى بضد الحق ، وبما ينكره جميع العلماء ، لأن قائل هذه المقالة يزعم أن من قال : لا إله إلا الله لم تضره الكبائر أن يعملها ، ولا الفواحش أن يركبها وأن عنده أن البار التقي ، الذي لا يباشر من ذلك شيئا ، والفاجر يكونان سواء ، هذا منكر . قال الله تعالى : ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) .

وقال تعالى : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) يقال لقائل هذه المقالة المنكرة : يا ضال يا مضل ، إن الله تعالى لم يسو بين الطائفتين من المؤمنين في أعمال الصالحات حتى فضل بعضهم على بعض درجات ، قال الله تعالى : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من [ ص: 690 ] الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) . فوعدهم الله عز وجل كلهم بالحسنى ، بعد أن فضل بعضهم على بعض .

وقال تعالى ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ) ثم قال : ( وكلا وعد الله الحسنى ) فكيف يجوز لهذا الملحد في الدين أن يسوي بين إيمانه وإيمان جبريل وميكائيل ؟ ! ويزعم أنه مؤمن حقا ! !

التالي السابق


الخدمات العلمية