الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
435 - وأخبرنا الفريابي ، قال : حدثنا إسحاق بن راهويه ، قال : أخبرنا [ ص: 859 ] حكام بن سلم الرازي ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ابن أنس . عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب في قوله تعالى : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ) إلى قوله تعالى ( أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) . قال : جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم جعلهم أرواحا ، ثم صورهم واستنطقهم وتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق : ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) ، قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأراضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، فلا تشركوا بي شيئا ، فإني أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي ، فقالوا : نشهد إنك ربنا [ ص: 860 ] وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك ، ورفع لهم أبوهم آدم ، فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ، ودون ذلك ، فقال : يا رب لو شئت سويت بين عبادك ، فقال : إني أحب أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج ، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة ، فذلك قوله تعالى : ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) . . . الآية .

وهو قوله : ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) وذلك قوله : ( هذا نذير من النذر الأولى ) ، وهو قوله تعالى : ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ، وهو قوله تعالى : ( ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ) . . . .

فكان في علمه تعالى يوم أقروا به من يكذب به ، ومن يصدق به ، فكان روح عيسى بن مريم عليه السلام في تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم عليه السلام ، فأرسل ذلك الروح إلى مريم عليها السلام حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا : ( فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ) إلى قوله تعالى : ( وكان أمرا [ ص: 861 ] مقضيا * فحملته ) قال : فحملت التي خاطبها ، وهو روح عيسى عليه السلام ) .

قال إسحاق : قال حكام : وحدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب قال : " دخل من فيها " .

التالي السابق


الخدمات العلمية