الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
71 - وأخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي ، قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا ليث ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، قال : قال لي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " لا أدري لعلك أن تخلف بعدي ، فأطع الإمام ، وإن أمر عليك [ ص: 381 ] عبد حبشي مجدع ، فإن ظلمك فاصبر ، وإن حرمك فاصبر ، وإن دعاك إلى أمر ينقصك في دنياك ، فقل : سمعا وطاعة ، دمي دون ديني " .

قال محمد بن الحسين :

فإن قال قائل : أيش الذي يحتمل عندك قول عمر - رضي الله عنه - فيما قاله ؟

قيل له : يحتمل - والله أعلم - أن نقول : من أمر عليك من عربي أو غيره ، أسود أو أبيض أو عجمي ، فأطعه فيما ليس لله فيه معصية ، وإن حرمك حقا لك ، أو ضربك ظلما لك ، أو انتهك عرضك ، أو أخذ مالك ، فلا يحملك ذلك على أن تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله ، ولا تخرج مع [ ص: 382 ] خارجي يقاتله ، ولا تحرض غيرك على الخروج عليه ، ولكن اصبر عليه .

وقد يحتمل أن يدعوك إلى منقصة في دينك من غير هذه الجهة ، يحتمل أن يأمرك بقتل من لا يستحق القتل ، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك ، أو بضرب من لا يحل ضربه ، أو بأخذ مال من لا يستحق أن تأخذ ماله ، أو بظلم من لا يحل له ولا لك ظلمه ، فلا يسعك أن تطيعه . فإن قال لك : لئن لم تفعل ما آمرك به وإلا قتلتك أو ضربتك ، فقل : دمي دون ديني ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل " ولقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الطاعة في المعروف " .

التالي السابق


الخدمات العلمية